قلت: قال أبو العباس ابن تيمية: (الحديث يدل على أن الله فوف العرش، ويدل على إحاطة العرش كونه سقف المخلوقات، ومن تأوله على قوله هبط على علم الله كما فعل الترمذي لم يدر كيف الأمر، ولكن لما كان من أهل السنة وعلم أن الله فوق العرش، ولم يعرف صورة المخلوقات، وخشي أن يتأوله الجهمي أنه مختلط بالخلق قال هكذا، وإلا فقول رسول الله ﷺ كله حق يصدق بعضه بعضا، وما علم بالمعقول من العلوم الصحيحة يصدق ما جاء به الرسول ويشهد له)(١).
وقال في موضع آخر: (وهذا كله على تقدير صحته فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله.
وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن في هذا الحديث ما يدل على قولهم الباطل؛ وهو أنه حال بذاته في كل مكان وأن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك.
والتحقيق: أن الحديث لا يدل على شيء من ذلك إن كان ثابتا فإن قوله: "لو أدلى بحبل لهبط" يدل على أنه ليس في المدلي ولا في الحبل ولا في الدلو ولا في غير ذلك، وأنها تقتضي أنه من تلك الناحية؛ وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية؛ بل بتقدير ثبوته يكون دالا على الإحاطة، والإحاطة قد علم أن الله قادر عليها، وعلم أنها تكون يوم القيامة بالكتاب والسنة، وليس في إثباتها في الجملة ما يخالف العقل ولا الشرع) (٢).
وينظر أيضًا: ما سيأتي في كلام العلامة ابن القيم في المسألة التالية.