فقالوا: قد أمرنا بهذا من كان أطوع فينا منك فعصيناه، فوثب إلى سيفه فتناوله ليخرج فيقاتل فوثبوا إليه فقالوا: ننشدك الله أن تشأمنا، وانتزعوا سيفه من يده. وخرجوا إلى مصعب وأصحابه على حكمهم [١] ، فأمر بهم فكتّفوا وقدّموا إلى مصعب، فتقدم بجير [٢] بن عبد الله المسلي فتكلم فقال:
الحمد للَّه الّذي ابتلانا بالأسر [٣] ، وابتلاك ومن معك بأن تعفوا [٤] وتقسطوا [٥] ، وهما منزلتان: إحداها للَّه رضى، والأخرى له سخط، ومن عفا عفا الله عنه، ومن عاقب لم يأمن القصاص، يا ابن الزبير! نحن أهل قبلتكم وعلى ملّتكم [٦] ولسنا بالترك [٧] ولا بالديلم، لم نعد أن خالفنا إخواننا من أهل مصرنا، فأمّا أن نكون [٨] أصبنا وأخطأوا، وإما أن يكونوا أصابوا وأخطأنا، فاقتتلنا بيننا كما اقتتل أهل الشام [٩] واختلفوا ثم اجتمعوا، وكما اقتتل أهل البصرة ثم اصطلحوا واجتمعوا، وقد ملكتم فأسجحوا،
[١] في الأصل: «حكمنا» ، وانظر أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٦٢ (القدس ١٩٣٦) وق ١ ص ١٠٦٨. [٢] انظر ابن أعثم ج ١ ص ٣١. [٣] في الأصل: «بالأمر» ، وفي أنساب الأشراف «بالأمير» ، والتصويب من ابن أعثم ونصه «وقد ابتلانا الله بالأسر وابتلاك بالعفو» ، انظر روايته في ج ١ ص ٣١. [٤] في الأصل: «تعفو» . [٥] في الأصل «تسطو» . [٦] يضيف أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٦٢ «ونحن قومكم» . [٧] في أنساب الأشراف ج ٦ ص ١١٠ «لسنا بروم ولا ديلم» . والإشارة للترك في الأصل سابقة لأوانها. [٨] في الأصل: «تكون» والتصويب من أنساب الأشراف. [٩] انظر أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٦٢، وعبارته «كما اقتتل أهل الشام بينهم وكما اقتتل أهل البصرة بينهم، فقد افترقوا ثم اجتمعوا» .