وصى (١) بعض الشيوخ (٢) فقال: احذروا مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت، وتُفسد القلب، فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها، وكان ممن قال الله فيه: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)﴾ [الكهف: ٢٨].
ومن تأمل حال هذا الخلق، وجدهم كلهم -إلا أقل القليل- ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله -تعالى -، واتَّبعوا أهواءهم، وصارت أمورهم ومصالحهم ﴿فُرُطًا﴾ أي: فرَّطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم، بل يعود بضررهم (٣) عاجلًا وآجلًا (٤).
[وهؤلاء](٥) قد أمر الله -سبحانه- رسولَه ألا يطيعهم، فطاعة الرسول لا تتم إلا بعدم طاعة هؤلاء (٦)، [فإنهم](٧) إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتباع الهوى، والغفلة عن ذكر الله (٨).
والغفلة عن الله والدَّار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى، [تولد
(١) في ب، و ج (أوصى). (٢) في ج (بعضهم). (٣) في ج (بما يضرهم). (٤) تكلم ابن القيم في ذم الخلطة، وبيَّن الضابط النافع فيها، في مدارج السالكين (١/ ٤٥٤ - ٤٥٦). (٥) في الأصل (ومن هؤلاء)، والمثبت من ب، و ج. (٦) في ج (طاعتهم). (٧) في الأصل (بأنهم)، والمثبت من ب، و ج. (٨) في ج: (عن الله والدار الآخرة).