أو يهمّ بالحاجة فتأتيه من غير طلب، فيقول كالمازح:(جئت على قدر يا موسى) وهذا من الاستخفاف بالقرآن» (١).
ويحكي التّابعيّ الفقيه إبراهيم النّخعيّ هدي السّلف في ذلك، فيقول:«كانوا يكرهون أن يتلو الآية عند الشّيء يعرض من أمر الدّنيا»(٢).
قلت: ومن قبيح ما يجري في استعمال بعض النّاس من ذلك أن يكتب عند مدخل مدينة: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ٤٦ [الحجر: ٤٦]، وعلى باب دكّان: لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ* [الفرقان: ١٦]، وما يستطرف به بعضهم كقوله: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ [ق: ٣٥]، وشبه ذلك.
وليس من هذا ما يقتبس من القرآن من الجمل الجوامع في حكاية حال أو وصف أمر يراد بذلك تقريبه للسّامع، كقول القائل وهو يصف حالا صعبة شديدة: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ ٥٨ [النّجم: ٥٨]، فكثير من الجمل القرآنيّة جرى استعمالها عند النّاس بمنزلة الأمثال، فمثل هذا سائغ لا حرج فيه.
(١) فضائل القرآن (ص: ١٢٣). (٢) أثر صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (رقم: ٣٠١٠٦) وأبو عبيد في «الفضائل» (ص: ١٢٣) وسعيد بن منصور (رقم: ٩٢) والحكيم في «النّوادر» (رقم: ٨٧٦ - تنقيح) من طريق مغيرة الضّبّيّ، عن إبراهيم، به. وإسناده صحيح.