الظُّعُن وهم هاربون، فقلت:"ما دهاهم اليوم؟ فدنوت إليهم فلقيت رأسهم وبَر بن عُلَيم، فقلت: "ما هذا المسير؟ قال:"الشرُّ، سارت إلينا جموع محمَّد، وما لا طاقة لنا به، قبل أن نأخُذَ للحرب أُهبتها، وقد أخذوا رسولاً لنا بعثناه إلى خيبر، فأخبرهم خبرنا، وهو صنَعَ بنا ما صَنَع". قلت:"ومَن هو؟ قال: "ابن أخي، وما كُنَّا نعُدّ في العرب فتىً واحداً أجمع قلب منه".
فقلت: "إني أرى أمر محمَّد قد أمن وغلظ، أوْقَعَ بقريش فصنع بهم ما صنع ثُم أوقع بأهل الحصون بيثرب، قينُقَاع، وبني النَّضِير، وقريظة، وهو سائرٌ إلى هؤلاء بخيبر". فقال لي وبَر: "لا تخش ذلك". إنَّ بها رجالاً، وحُصُوناً منيعة، وماءً واتناً١ لا دنا منهم محمَّدٌ أبداً، وما أحراهم أن يغزوه في عُقْرِ داره". فقلت:"وترى ذلك؟ قال: "هو الرأي لهم"٢".
وهكذا نجح عليّ - رضي الله عنه - في مهمَّته نجاحاً باهراً".
[٨] "وقدم المدينة ولم يلق كيداً"٣".
١ وتن الماء: أي: دام ولم ينقطع. (الصحاح ٢٢١٢) . ٢ من رواية الواقدي (مغازي ٢/٥٦٣) . ٣ من رواية ابن سعد (طبقات ٢/٩٠) .