الأولى: أنّه اسْتِثْنَاء مِنْ قَوله: (فَفِي النَّارِ)، كَأنه قَال: إِلَّا مَا شَاء رَبُّك مِنْ تَأخِير قَوْم عن ذَلك … وعن أبي نضرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلَّا مَنْ شَاء ألَّا يُدْخِلهم وإنْ شَقُوا بِالْمَعْصِيَة (٢).
الثَّاني: أنَّ الاسْتِثْنَاء إنّمَا هو للعُصَاة مِنْ الْمُؤمِنِين في إخْرَاجِهم بَعد مُدَّة مِنْ النَّار.
وعلى هَذا يَكُون قَوله:(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) عَامًّا في الكَفَرَة والعُصَاة، ويَكُون الاسْتِثْنَاء مِنْ (خَالِدِينَ) … وفي الصَّحِيح مِنْ حَدِيث أنس بن مالك قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَدْخُل نَاس جَهَنَّم حَتى إذا صَارُوا كَالْحُمَمَة (٣) أُخْرِجُوا مِنها وَدَخَلُوا الْجَنَّة، فَيُقَال: هَؤلاء الْجَهَنَّمِيُّون (٤).
الرَّابِع: قَال ابن مسعود: خَالِدِين فِيها مَا دَامَت السَّمَاوَات والأرْض لا يَمُوتُون فيها، ولا يَخْرُجُون مِنها إلَّا مَا شَاء رَبُّك، وهو أن يَأمُر النَّار فَتَأكُلهم وتُفْنِيهم ثم يُجَدِّد خَلْقَهم.
السَّادس: أنَّه اسْتِثْنَاء مِنْ الإخْراج وهو لا يُرِيد أن يُخْرِجَهم مِنها .... فَالْمَعْنَى: أنَّه لَو شَاء أن يُخْرِجَهم لأخْرَجَهم، ولَكِنَّه قد أعْلَمَهم أنَّهم خَالِدُون فِيها.
(١) أي في الاستثناء. (٢) هذا مُرسل، أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة - تابعي - (تقريب التهذيب ترجمة ٦٩٣٨)، "والمرسل ضعيف عند جمهور المحدثين". (مقدمة صحيح مسلم (ص ٣٠). (٣) قال أبو عبيد: الحمم الفحم، واحدتها حممة. (غريب الحديث ١/ ١٩٤). (٤) رواه البخاري بنحوه (ح ٧٠١٢)، وفي معناه حديث أبي سعيد: رواه البخاري (ح ٦١٩٢)، ومسلم (ح ١٨٤).