والشافعية (١)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٢).
القول الثاني:
لا يعفى عن يسير النجاسة مما لا يدركه الطرف، وهو مذهب الحنابلة (٣)، ووجه عند الشافعية (٤).
استدلَّ أصحاب القول الأوّل القائل - يعفى عن يسير النجاسة مما لا يدركه الطَّرْف - بما يلي:
الدليل الأوّل: قول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٥).
وجه الدلالة من الآية:
ما لا يدركه الطَّرْف من النجاسات لا يمكن الاحتراز منه ويحصل بسببه الحرج والمشقة، لذا يعفى عنه ويتسامح فيه (٦).
نوقش هذا الاستدلال من وجهين (٧):
أ. ما ذكر من المشقة غير صحيح؛ لأن الحكم بالنجاسة لا يكون إلا عن علم بوجودها، ومع العلم لا فرق في المشقة بين ما يدركه الطَّرْف وما لا يدركه.
يمكن أن يجاب: العلم بالنجاسة وتحقق وجودها في الحالين لا خلاف فيه، وأما حصول المشقة
(١) انظر: الوسيط (١/ ١٦٧)، المجموع (١/ ١٢٧)، روضة الطالبين (١/ ٢١).(٢) انظر: الفروع (١/ ٨٢)، الإنصاف (١/ ٩٨).(٣) واستثنوا الدم وما يتولد منه.انظر: المغني (١/ ٢٤)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (١/ ١١٨)، كشاف القناع (١/ ١٩٠).(٤) انظر: الحاوي، الماوردي (١/ ٢٩٣)، نهاية المطلب (٢/ ٢٩٥)، البيان، للعمراني (١/ ٣٢).(٥) سورة الحج، من الآية (٧٨).(٦) انظر: حاشية الطحطاوي (١/ ١٥٧)، البيان، للعمراني (١/ ٣٢)، المجموع (١/ ١٢٧).(٧) انظر: المغني (١/ ٢٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute