وجهَ الباب، وأمرَ العنكبوتَ فنسَجتْ على فمه، وحمامتين وحشيتين فوقفتا بفمِه، فكان ذلك سببًا لتحقُّقهم عدمَ أحدٍ به (١).
وبعدَ الثَّلاثِ ركبا راحلتين، وراحلتُه - صلى الله عليه وسلم -: هي ناقتُه الجَدعاءُ، وأردفَ أبو بكرٍ مولاه عامرَ بنَ فُهيرةَ، ومعهم عبدُ اللّه بنُ الأريقط (٢) ليدلَّهم على الطَّريق (٣)، وذلك في يومِ الاثنين من ربيع الأوَّل، وسِنُّه - صلى الله عليه وسلم - ثلاثٌ وخمسون (٤).
وعرضَ سُراقةُ بنُ مالكٍ -وهو على فرسه- للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ليفوزَ بما وعدتْ به قريشٌ مَن جاء به، فدعا عليه فساختْ (٥) فرسُه، فقال: يا محمَّدُ، ادعُ اللّه أن يُطلق فرسي، وأرجعُ عنك، وأردُّ عنك مَن ورائي، ففعلَ، فأُطلقَ ووفَّى (٦).
(١) الحديث بذكر نسج العنكبوت والمكوث ثلاث ليال حسنٌ لغيره. أخرجه أحمد ١/ ٣٤٨، وعبد الرزاق ٥/ ٣٨٩، وفي إسناده عثمان بن عمرو الجزريُّ؛ قال الهيثميُّ: وثَّقه ابنُ حِبَّان، وضعَّفه آخرون. "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٧. وأمَّا ذكر الشجرة والحمامتين؛ فالحديثُ في ذلك ضعيف. أخرجه ابن سعد ١/ ٢٢٩، والبزار؛ "كشف الأستار" ٢/ ٢٩٩. قال ابن كثير: غريب جدًا من هذا الوجه. "البداية والنهاية "٣/ ١٨١. (٢) عبد الله بن أُرَيقط الدِّيلي. كذا في "الطبقات الكبرى" ١/ ٢٣٠، وفي "سيرة ابن هشام" ٢/ ٩٦: أرقط، وتفرَّد الذَّهبيُّ في عدِّه من الصَّحابة، كما في "التجريد" ١/ ٢٩٦. (٣) أخرجه البخاريُّ في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة (٣٩٠٥)، عن عائشة. (٤) لثمانٍ خلون من ربيع الأوّل، كما في "أوجز السير"، ص: ١٤٩، وفي "الإشارة لسيرة المصطفى"، ص: ١٥٧: لأربع ليالٍ خلون. (٥) ساخت الأرض: انخسفت. "القاموس": سوخ. (٦) قصَّةُ سُراقة - رضي الله عنه - مذكورةٌ ضمن حديث عائشة المتقدم.