فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... سوى أنّ عظم الساق منكِ دقيق
وذهب قُطْرُب إلى أن "أو" قد تكون بمعنى الواو, وأنشد بيت النابغة:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد٢
فقال: معناه: ونصفه. ولعمري إن كذا معناه. وكيف لا يكون كذلك, ولا بُدَّ منه وقد كثرت فيه الرواية أيضًا بالواو: ونصفه. لكن هناك مذهب يمكن معه أن يبقى الحرف على أصل وضعه: من كون لا شَكَّ فيه, وهو أن يكون تقديره: ليتما هذا الحمام لنا "إلى حمامتنا"٣ أو هو ونصفه. فحذف المعطوف عليها وحرف العطف, على ما قدمناه في قوله عز وجل:{فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} ٤ أي٥ فضرب فانفجرت. وعليه قول٦ الآخر:
ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذا كما ما غيبتني غيابيا
أي: شهرين أو شهرين ونصف ثالث, ألا تراك لا تقول مبتدئًا: لبثت نصف ثالث؛ لأن ثالثًا من الأسماء المضمنة٧ بما معها. ودعانا إلى هذا التأوّل٨ السعي في٩ إقرار "هذه" اللفظة على أول أحوالها.
١ هو مجنون بني عامرن يخاطب ظبية صيدت فأعطى الصائد مكانها شاة وأطلقها. وانظر الكامل ٧/ ٣٩ والخزانة ٤/ ٥٩٥. ٢ من قصيدة له، يعتذر فيها للنعمان بن المنذر مما رمي به عنده، ويرجوه أن يكون حكيمًا نافذ البصر كزرقاء اليمامة, وكانت رأت حمامًا مرَّ بين جبلين فخزرته ستارستين، فقالت: ليت هذا الحمام ونصفه يكون لي مضافًا إلى حماميّ لتكمل المائة، فلما عد الحمام من كثب ألفوها صادقة، فضرب بها المثل في صدق البصر. وقولها: فقد أي فقط، وقد هنا اسم فعل، والكسر للروي. وقد يكون الأصل: فقدي بياء المتكلم, أي: يكفيني، ولم أر رسمها بالياء. وانظر الخزانة ٤/ ٢٩٧. ٣ سقط في ش، ما بين القوسين. ٤ آية: ٦٠ سورة البقرة. ٥ سقط في د، هـ، ز. ٦ أي: ابن أحمر. وانظر أمالي ابن الشجري ٢/ ٣١٧. ٧ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "المنضمة". ٨ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "التأويل". ٩ كذا في ش، ط وفي د، هـ، ز: "إلى".