النوع الثالث: التشابه الإضافي، وهو اشتباه الأمر على بعض الناس كقول بني إسرائيل {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}[البقرة: ٧٠] وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحلال بيِّن والحرام بيِّن؛ وبين ذلك أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس ... الحديث (١). فدل ذلك على أن التشابه قد يكون بالإضافة إلى بعض الناس دون بعض (٢).
[أقوال السلف في المحكم والمتشابه]
١ - القول الأول: ويرى أصحاب هذا القول أن المحكمات هي الآيات الثلاث من أواخر سورة الأنعام من قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ .... }[الأنعام: ١٥١] وأربع آيات من سورة الِإسراء من قوله تعالى.: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} إلى آخر قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}(الآيات: ٢٣ - ٢٦).
روى هذا الرأي ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما (٣).
٢ - القول الثاني: ويرى أصحاب هذا القول أن المحكمات هي الناسخ، والحلال والحرام، والحدود، والفرائض، وما يؤمن به ويعمل به.
والمتشابهات هي المنسوخ والمقدم والمؤخر (٤) والأمثال والإِقسام (٥).
٣ - القول الثالث: ويرى أصحابه أن المحكم هو ما أحكم الله فيه بيان
(١) انظر الشاطبي: الموافقات: ٣/ ٨٥ - ٨٦، أما الحديث فقد أخرجه. (٢) الجليند: الإِمام ابن تيمية وقضية التأويل: ٥٤. (٣) الطبري: التفسير ٦/ ١٧٤ (ط: شاكر) وانظر السيوطي: الإتقان ٢/ ٣. (٤) مثال المقدم والمؤخر قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [التوبة: ٥٥] روي عن قتادة أنه قال: هذا من تقاديم الكلام. (٥) ابن جرير الطبري: التفسير ٦/ ١٧٥ - ١٧٦، ابن تيمية: تفسير سورة الإخلاص: ١١٧.