تعالى، بل صارت عذابا، لأنَّهم قصدوا بها العباد لا ربَّ العباد، وفي هذا دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته (١).
٢ - عن أبي موسى الأشعري قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يقاتل حمية، ويقاتل رياء، أيَّ ذلك في سبيل الله؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"، رواه مسلم في صحيحه.
وفي رواية في صحيح مسلم أيضا، قال السائل: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"(٢).
فقد صرّح الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن المقاتل لا يكون مقاتلا في سبيل الله إلاّ إذا كان هدفه إعلاء كلمة الله، أما الذي يقاتل لغير ذلك فلا يعدّ مقاتلا في سبيل الله.
٣ - عن أسامة بن زيد (٣) -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار، يقولون: يا فلان، مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف، ولا آتيه، وأنهى عن المنكر، وآتيه"(٤).
(١) انظر شرح النووي على مسلم (١٣/ ٥١). (٢) رواه الجماعة (انظر نيل الأوطار ٧/ ٢٢٦). وقوله في الحديث: للذكر، أي ليذكره الناس بالشجاعة. والحمية: هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن العشرة. (٣) هو أسامة بن زيد بن حارثة صحابي جليل، ولد بمكة في السنة السابعة قبل الهجرة، كان حبيبا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أثيرا عنده، أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم-، في آخر حياته، وأسامة دون العشرين، توفي بالمدينة (٥٤ هـ). راجع: تهذيب التهذيب (١/ ٢٠٨)، خلاصة تذهيب الكمال (١/ ٦٦)، (الكاشف ١/ ١٠٤). (٤) رواه البخاري ومسلم (جامع الأصول ٥/ ٢٨٧)، وقوله في الحديث فتندلق، الاندلاق: الخروج، ومنه اندلق السيف عن قرابه، وأقتاب بطنه، الأقتاب جمع قتب: وهي الأمعاء.