لقد ضيّع حياته أولا في المتع والشهوات، وقضى شطر عمره الثاني في طلب الملك الضائع، وانتهت حياته، ولم يحصّل مطلوبه، ومات كما مات المتنبي (١) من بعده، طلبا الملك والِإمارة، فأعياهما الطلب.
أما همة المسلم فلا تقف إلاّ أن تصل إلى الغاية التي لا غاية وراءها، والمطلوب الذي لا مطلوب بعده. قيل لأحد الصالحين: فلان بعيد الهمّة، قال: إذن لا يرضى بما دون الجنة، وفي عيون الأخبار أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، جاءه دكين الراجز، فقال له عمر: يا دكين، إنَّ لي نفسًا توّاقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلمّا نلتها تاقت إلى الخلافة، فلمّا نلتها تاقت إلى الجنة (٢).
(١) هو أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي الشاعر الحكيم، قال الشعر صبيا ومدح به الحكام، وسعى إلى الإمارة فلم يحصل شيئًا، مات قتيلاً في الطريق إلى بغداد، حياته (٣٠٣ - ٣٥٤ هـ). راجع: (وفيات الأعيان ١/ ١٢٠)، (لسان الميزان ١/ ١٥٩)، و (الأعلام ١/ ١١٠) .. (٢) عيون الأخبار (١/ ٢٣١). (٣) سورة آل عمران / ٢٦ - ٢٧.