فمن كانت هذه صفاته، وتلك أفعاله- فإنه الذي يستحق العبادة دون سواه، وهو الذي ينبغي أن يكون المقصد والمعاذ والملاذ.
والتوجه إليه وقصده بالعبادة حقه الخالص الذي لا يشركه فيه أحد، فعن معاذ ابن جبل، قال:"كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار، فقال لي: "يا معاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الله عَلَى الْعبَاد، وَمَا حَقُّ الْعِباد عَلَى الله؟ " فقلت: الله ورسوله أعلم.
قال: "حَقُّ الله عَلَى الْعِبَاد أَنْ يَعْبُدوهُ، وَلَا تشْرِكوا بِه شَيْئًا، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى الله أَلا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يشْرك بِهِ شَيْئًَا .. " (٣).
فهو الذي يستحقُّ العبادة خوفا ورجاء، ورغبة ورهبة، وتوكّلا واعتمادا، وصلاة وصياما، وزكاة وحجّا، ونذرا ودعاء ...
هو المستحق لذلك لذاته -سبحانه - ولو لم يخلق جنّة ولا نارا، ولم يضع ثوابا ولا عقابا، كما جاء في الأثر: "لوْ لَمْ أخْلُقْ جَنَّة وَلَا نَارًا أَمَا كُنْتُ أَهْلاً أنْ
(١) سورة الشعراء/ ٧٨ - ٨٢. (٢) سورة النجم/ ٤٢ - ٥١. (٣) متفق عليه (مشكاة المصابيح ١/ ١٤).