لا خلاف في ترتب الأحكام الشرعية على رؤى الأنبياء -عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- لأنها وحي من الله -عز وجل-، فالرؤى وسيلة من وسائل تلقي التكاليف الشرعية، والنواميس الإلهية التي بها تنتظم أمور العباد مما يتعلق بالمعاش والمعاد، وهذا مختص بالأنبياء -عليهم أفضل الصلاة والسلام- (١)، "فأول ما بُدئَ به رسول الله -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح"(٢).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أُريتُ ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي، فنسيتُها، فالتمسوها في العشر الغوابر"(٣).
- وإذا رأى بعض الصحابة -رضي الله عنهم- رؤيا في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم أقرَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليها، فإن الأحكام الشرعية تترتب عليها لا لذاتها، ولكن لتقرير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إياها، كما وقع من عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- عندما رأى من علَّمه ألفاظ الأذان، وقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك" الحديث (٤).
(١) وقد شرع خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- في ذبح ابنه إسماعيل -عليه السلام- لما رأى الرؤيا، كما قصَّه الله -تعالى- في سورة الصافات (الآيات ٩٩ - ١١٢)، فهذا النوع من الوحي يدخل تحت قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: ٥١]، فالوحي هنا يشمل الرؤيا والإلهام. (٢) أخرجه البخاري (١/ ٢٢)، ومسلم رقم (٢٥٢) (١/ ١٣٩ - ١٤٢)، وغيرهما. (٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٥٩)، والحديث رواه مسلم (٢/ ٨٢٣) (٢٠٧). (٤) أخرجه أبو داود (١/ ١٣٥، ١٣٦) (٤٩٩)، والترمذي (١/ ٣٥٨ - ٣٦٢) (١٨٩)، وقال: "حسن =