ببابك، كلبك بأعتابك، نظرة منك تغنيني يا رسول اللَّه، عطفة منك تكفيني"، فقال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت ولدي، ومقبول عندي بهذه السجعة المباركة" (١).
٣ - ثم ترقوا إلى أبعد من ذلك، بادعاء أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخرج من قبره، ويلتقي مشايخهم، وأنهم يرونه يقظة لا منامًا في الدنيا، ويتلقون عنه.
قال الشعراني (٢): قال أبو المواهب الشاذلي: "رأيت رسول الله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لي عن نفسه: لست بميت، وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله، فها أنا أراه ويراني" (٣).
وقال: كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يقول: قلت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن الناس يكذِّبونني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهوديًّا، أو نصرانيًّا، أو مجوسيًّا".
وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب (٤).
وقال أيضًا: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألته عن الحديث
(١) "جامع كرامات الأولياء" ليوسف بن إسماعيل النبهاني (٢/ ١٠٠)، ويا عجبًا! كيف يثني النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه "السجعة المباركة"، وقد وصَّى ابنُ عباس -رضي الله عنهما- مولاه عكرمة، فقال: "فانظر السجع من الدعاء، فاجتنبه، فإني عهدتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب". رواه البخاري (١١/ ١٣٨)، وترجم له: "باب ما يُكره من السجع في الدعاء". وكان عروة بن الزبير إذا عُرِض عليه دعاءٌ فيه سجع منسوبًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، قال: "كذبوا، لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه سجَّاعين"، كما في "الحوادث والبدع" للطرطوشي ص (١٥٧). (٢) عبد الوهاب بن أحمد الشعراني صاحب "الطبقات الكبرى" و"الصغرى" في تراجم الصوفية، و"الجواهر في عقائد الأكابر"، توفي سنة (٩٧٣ هـ). (٣) "الطبقات الكبرى" للشعراني (٢/ ٦٩). (٤) "نفسه" (٢/ ٦٧).