وهذا المسيح الدجَّال الذي هو أعظم فتنة تمر على البشرية في تاريخها، حتى حَذَّر جميع الأنبياء منه أُمَمَهُمْ، وحتى قال فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فيما رواه أبو داود عن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما-: "مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنأَ عَنْهُ، فَوَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأتِيه وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِن، فَيتَّبِعُهُ؛ مِمَّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ"(٢)، وسوف يأتي بأعظم الخوارق:
فمنها: ما رواه حُذَيْفَةُ -رضي اللَّه عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ"(٣).
- ومنها: أنه يستعين بالشياطين؛ فقد رُوِي عن أبي أُمَامَةَ -رضي الله عنه- قال:"وَإنَّ مِنْ فِتنتهِ أَنْ يَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وأُمَّكَ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطانانِ في صُورَةِ أَبيهِ وَأمّهِ، فَيَقُولَان: يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ؛ فَإنَّهُ رَبُّكَ"(٤).
- ومن فتنته: أنه -يأمر السماء فتُمْطِرُ، والأرضَ فتُنْبِتُ، ويدعو البهائم فتتبعه، ويأمر الخرائب أن تُخرِجَ كنوزها المدفونة فتستجيب (٥).
- ومن فتنته: أنه يقتل ذلك الشابَّ المؤمنَ فيما يظهر للناس، ثم يَدَّعي أنه أحياه، فيقول ذلك الشابُّ:"واللَّه ماكنتُ فيكَ أشدَّ بصيرة مني اليوم"(٦).
(١) رواه البخاري (٢٢١) (٦/ ٣٠٤ - فتح). (٢) "صحيح سنن أبي داود" (٣/ ٨١٤) (٣٦٢٩). (٣) رواه مسلم (٤/ ٢٢٤٨) (٢٩٣٤). (٤) "ضعيف ابن ماجه" (٨٨٤)، ص (٣٣٠). (٥) انظر الحديث في "صحيح مسلم" (٤/ ٢٢٥٢) (٢٩٣٧). (٦) انظر الحديث في "صحيح البخاري" (١٣/ ١٠١ - فتح)، ومسلم (٤/ ٢٢٥٦) (٢٩٣٨).