وأما القدرية المعتزلة عن الحق، فقد افترقت عشرين فرقة كل فرقة منها تُكَفَّر سائرها، يجمعها كلها في بدعتها أمور: منها اتفاقهم على دعواهم في أن الفاسق من أمة الإسلام يكون في منزلة بين المنزلتين (١).
وسبب تسمية المعتزلة أنه دخل واحد على الحسن البصري (٢) فقال:
يا إمام الدين، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يُخرج به عن الملة - وهم وعيدية الخوارج - وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان. ولا يضرّ مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة - وهم مرجئة الأمة - فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟
فتفكّر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول: إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين: لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن،
(١) الفرق بين الفرق، ص٢٤، وساق أسماء الفرق فقال: الواصلية، والعمْرَوية، والهُذلية، والنَّظَّاميّة، والمردارية، والعُمَرية، والبشرية، والثُّماميّة، والجاحظية، والأسوارية، والإسكافية، والجعفرية، والخياطية، والشحامية، والهشامية، وأصحاب صالح قبة، والمريسيّة، والكعبية، والجُبَّائية، والبهشمية المنسوب إلى أبي هاشم بن الجُبَّائي. الفرق بين الفرق، ص١١٤، وص٢٤، وانظر الملل والنحل للشهرستاني، ١/ ٤٣ - ٨٥. (٢) توفي الحسن البصري سنة ١١٠هـ.