فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بَعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال:((أولئك العصاة، أولئك العصاة))،وفي رواية فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام ... )) الحديث (١).
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كُنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر: فمنّا الصائم ومنّا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حارٍّ أكثرنا ظلاً صاحب الكساء، ومنّا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصُّوَّام وقام المفطرون، فضربوا الأبنية (٢) وسقوا الركاب (٣) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) (٤)(٥).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -،قال: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بطعام بمرِّ الظهران، فقال لأبي بكر وعمر:((ادنيا فكُلا)) فقالا: إنا صائمان، فقال: ((ارحلوا لصاحبيكم،
(١) مسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في السفر في شهر رمضان للمسافرين في غير معصية ... برقم ١١١٤. (٢) الأبنية: جمع بناء: وهو الخباءُ والخيمة، جامع الأصول لابن الأثير، ٦/ ٣٩٥. (٣) الركاب: الإبل. جامع الأصول لابن الأثير، ٦/ ٣٩٥. (٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الخدمة في الغزو، برقم ٢٨٩٠، ومسلم، كتاب الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا ولي العمل، برقم ١١١٩. (٥) ذهب المفطرون اليوم بالأجر: أي بأجر يزيد على أجر الصائمين؛ فإن عملهم كان متعدياً، وعمل الصائمين كان قاصراً، ويحتمل كما قال الشيخ تقي الدين: أن يكون أجرهم قد بلغ في الكثرة بالنسبة إلى أجر الصائمين مبلغاً ينغمر فيه أجر الصوم، فتحصل المبالغة بسبب ذلك، ويجعل كأن الأجر كله للمفطر. [انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، ٥/ ٢٨٣].