وَهُوَ أَثْبَتُهُمَا عِنْدَنَا، وَكَانَ قَدْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ سَيْلٌ يُقَالُ لَهُ: (سيل الْمَخْبَلِ) فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثَمَانِينَ أَصَابَ النَّاسَ عَقِبَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ فِي أَجْسَادِهِمْ، وأَلْسِنَتِهِمْ، أَصَابَهُمْ مِنْهُ شِبْهُ الْخَبْلِ، فَسُمِّيَ سَيْلَ الْمَخْبَلِ، وكَانَ عَظِيمًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ،. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا سَيْلٌ عَظِيمٌ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثَمَانِينَ ومِائَةٍ، وحَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ أَمِيرٌ عَلَى مَكَّةَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وذَهَبَ بِالنَّاسِ وأَمْتِعَتِهِمْ وغَرِقَ الْوَادِي فِي أَثَرِهِ فِي خِلَافَةِ الرَّشِيدِ هَارُونَ.
٧ - وَ: جَاءَ سَيْلٌ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ ومِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ وعَلَى مَكَّةَ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْمَخْزُومِيُّ خَلِيفَةً لحَمْدُونَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ وكَانَ دُونَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِذِرَاعٍ ورُفِعَ الْمَقَامُ عَنْ مَكَانِهِ لَمَّا خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ السَّيْلُ، وهَدَمَ دُورًا مِنْ دُورِ النَّاسِ وذَهَبَ بِنَاسٍ كَثِيرٍ، وأَصَابَ النَّاسَ بَعْدَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ مِنْ وَبَاءٍ ومَوْتٍ فَاشٍ فَسُمِّيَ ذَلِكَ السَّيْلُ سَيْلَ ابْنِ حَنْظَلَةَ.
٨ - ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ سَيْلٌ وهُوَ أَعْظَمُ مِنْ سيل ابْنِ حَنْظَلَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ ومِائَتَيْنِ فِي شَوَّالٍ جَاءَ والنَّاسُ غَافِلُونَ فَامْتَلَأَ السَّدُّ الَّذِي بِالثَّقَبَةِ (١) فَلَمَّا فَاضَ انْهَدَمَ السَّدُّ فَجَاءَ السَّيْلُ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ مَعَ سَيْلِ السِّدْرَةِ (٢) وسَيْلِ مَا أَقْبَلَ مِنْ مِنًى فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَجَاءَ جُمْلَةً فَاقْتَحَمَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ وبَلَغَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، ورُفِعَ الْمَقَامُ مِنْ مَكَانِهِ لَمَّا خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ، فَكَبَسَ الْمَسْجِدَ والْوَادِيَ بِالطِّينِ والْبَطْحَاءِ، وقَلَعَ صَنَادِيقَ الْأَسْوَاقِ ومَقَاعِدَهُمْ وأَلْقَاهَا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، وذَهَبَ بِأُنَاسٍ كَثِيرٍ، وهَدَمَ دُورًا كَثِيرَةً مِمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْوَادِي، وكَانَ أَمِيرُ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵃ وعَلَى بَرِيدِ مَكَّةَ وصَوَافِيهَا مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، وكَانَ وَافَى تِلْكَ السَّنَةَ الْعُمْرَةَ فِي شهر رَمَضَانَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ مِنَ الْحَاجِّ وأَهْلُ مَكَّةَ مَا فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الطِّينِ والتُّرَابِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فَكَانُوا يَعْمَلُونَ بِأَيْدِيهِمْ، ويَسْتَأْجِرُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
(١) انظر الحاشية رقم ٢ ج ٢ ص ١٠٧ من هذه الطبعة.(٢) يأتي وصف هذا السد فِي القسم الجغرافي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute