فَجَعَلَ الْحِجَابَةَ إِلَى ابْنِهِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ (١)، وجَعَلَ النَّدْوَةَ إِلَى ابْنِهِ عبد مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وجَعَلَ اللِّوَاءَ لِوَلَدِهِ جَمِيعًا، فَكَانُوا يَلُونَهُ حَتَّى كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، فَقُتِلَ عَلَيْهِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وكَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرِ ابن هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، حَتَّى قُتِلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَتِ النَّدْوَةُ بَعْدُ إِلَى هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ إِلَى ابْنَيْهِ عُمَيْرٍ: أَبِي مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وعَامِرٍ، ابْنَيْ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ ابْتَاعَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي خِلَافَتِهِ مِنِ ابْنِ الرَّهِينِ الْعَبْدَرِيِّ، وهُوَ مِنْ وَلَدِ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ ابن عَبْدِ الدَّارِ، فَطَلَبَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ مِنْ مُعَاوِيَةَ الشُّفْعَةَ فِيهَا، فَأَبَى عَلَيْهِ فَعَمَّرَهَا مُعَاوِيَةُ وكَانَ يَنْزِلُ فِيهَا إِذَا حَجَّ، ويَنْزِلُهَا مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ (٢) إِذَا حَجُّوا، وقَدْ دَخَلَ بَعْضُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي زِيَادَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وسُلَيْمَانَ، ثُمَّ دَخَلَ بَعْضُهَا أَيْضًا فِي زِيَادَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ كَانَتْ خُلَفَاءُ بَنِي الْعَبَّاسِ يَنْزِلُونَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا حَجُّوا، أَبُو الْعَبَّاسِ وأَبُو جَعْفَرٍ والْمَهْدِيُّ ومُوسَى الْهَادِي وهَارُونُ الرَّشِيدُ، إِلَى أَنِ ابْتَاعَ هَارُونُ الرَّشِيدُ دَارَ الْإِمَارَةِ مِنْ بَنِي خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّينَ وبَنَاهَا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْزِلُهَا فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرِبَتْ وتَهَدَّمَتْ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ: ورَأَيْتُهَا عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى، كَانَتْ مَقَاصِيرُهَا الَّتِي لِلنِّسَاءِ تُكْرَى مِنَ الْغُرَبَاءِ والْمُجَاوِرِينَ، ويَكُونُ فِي مَقْصُورَةِ الرِّجَالِ دَوَابُّ عُمَّالِ مَكَّةَ، ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ يَنْزِلُهَا عَبِيدُ الْعُمَّالِ بِمَكَّةَ مِنَ السُّودَانِ وغَيْرِهِمْ، فَيَعْبَثُونَ فِيهَا ويُؤْذُونَ جِيرَانَهَا، ثُمَّ كَانَتْ تُلْقَى فِيهَا الْقَمَايِمُ ويَتَوَضَّأُ فِيهَا الْحَاجُّ، وصَارَتْ ضَرَرًا عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ أَحَدٍ وثَمَانِينَ ومِائَتَيْنِ، اسْتُعْمِلَ عَلَى بَرِيدِ مَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهَا مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَهُ عِلْمٌ ومَعْرِفَةٌ وحِسْبَةٌ وفِطْنَةٌ بِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ والْبَلَدِ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْوَزِيرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ ابن وَهْبٍ، يَذْكُرُ أَنَّ دَارَ النَّدْوَةِ قَدْ عَظُمَ خَرَابُهَا وتَهَدَّمَتْ وكَثُرَ مَا يُلْقَى فِيهَا مِنَ الْقَمَايِمِ حَتَّى صَارَتْ ضَرَرًا عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وجِيرَانِهِ، وإِذَا جَاءَ الْمَطَرُ سَالَ الْمَاءُ مِنْهَا حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ بَابِهَا لِلشَّارِعِ فِي بَطْنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وأَنَّهَا لَوْ
(١) وهي لا تزال بيد بني شيبة احفاد عثمان بن عبد الدار.(٢) كذا فِي ا، ج. وفِي بقية الأصول (من بعد من خلفاء بني أمية).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute