يَقِفُونَ بِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ويَظَلُّونَ بِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْأَرَاكِ مِنْ نَمِرَةَ ويفيضون مِنْهُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، فَإِذَا عَمَّمَتِ الشَّمْسُ رُءُوسَ الْجِبَالِ، دَفَعُوا وَكَانُوا (١) يَقُولُونَ:
نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ لَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ ونَحْنُ، الْحُمْسُ، فَتَحَمَّسَتْ قُرَيْشٌ ومَنْ وَلَدَتْ فَتَحَمَّسَتْ مَعَهُمْ هَذِهِ الْقَبَائِلُ، فَسُمِّيَتِ (٢) الْحُمْسَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْحُمْسُ حُمْسًا لِلتَّشْدِيدِ فِي دِينِهِمْ، فَالْأَحْمَسِيُّ (٣) فِي لُغَتِهِمُ الْمُشَدِّدُ فِي دِينِهِ، وكَانَتِ الْحُمْسُ مِنْ دِينِهِمْ إِذَا أَحْرَمُوا أَنْ لَا يَدْخُلُوا بَيْتًا مِنَ الْبُيُوتِ ولَا يَسْتَظِلُّوا (٤) تَحْتَ سَقْفِ بَيْتٍ، يَنْقُبُ أَحَدُهُمْ نَقْبًا فِي ظَهْرِ بَيْتِهِ، فَمِنْهُ يَدْخُلُ إِلَى حُجْرَتِهِ ومِنْهُ يَخْرُجُ ولَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِهِ، ولَا يَجُوزُ تَحْتَ أُسْكُفَّةِ بَابِهِ ولَا عَارِضَتِهِ، فَإِذَا أَرَادُوا بَعْضَ أَطْعِمَتِهِمْ وَمَتَاعِهِمْ، تَسَوَّرُوا مِنْ ظَهْرِ (٥) بُيُوتِهِمْ وأَدْبَارِهَا حَتَّى يَظْهَرُوا عَلَى السُّطُوحِ ثُمَّ يَنْزِلُونَ فِي حُجْرَتِهِمْ ويُحَرِّمُونَ أَنْ يَمُرُّوا (٦) تَحْتَ عَتَبَةِ الْبَابِ، وكَانُوا كَذَلِكَ (٧) حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ، فَأَحْرَمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَدَخَلَ بَيْتَهُ وكَانَ (٨) مَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَقَفَ الْأَنْصَارِيُّ بِالْبَابِ فَقَالَ (٩) لَهُ: ألَا تَدْخُلُ؟ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ:
إِنِّي أَحْمَسِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وأَنَا أَحْمَسِيٌّ دِينِي ودِينُكَ سَوَاءٌ، فَدَخَلَ الْأَنْصَارِيُّ مَعَ (١٠) رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا رَآهُ دَخَلَ مِنْ بَابِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ ﴿ولَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها ولكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اِتَّقى وأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها﴾، وكَانَتِ الْحِلَّةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَوَّلُ مَا يطوف
(١) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «فكانوا».(٢) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «فسموا».(٣) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «والأحمسي».(٤) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «ولا يستظلون».(٥) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «ظهور».(٦) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «يدخلون».(٧) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «فكانوا على ذلك».(٨) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «قال وكان».(٩) كذا فِي جميع الأصول. وفِي د «وقال».(١٠) كذا فِي ا، ج، وهامش د. وفِي ب، د «على».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute