منشؤه أن يكون في التاريخ شيء يعارضه؛ فإن كان الأول فإن عدم عثورنا عليه في التاريخ ليس دليلا على عدم وقوعه حقيقة , فعدم العلم ليس علما بالعدم، وأما إن كان الثاني فلا بد أن تكون هذه الحادثة حصل لها من النقل والتواتر والتثبت مثل ما حصل للقرآن حتى تعارضه , وهذا لا وجود له، وإلا فإننا نقدم ما في القرآن؛ لأنه أصح بشهادة الجميع.
١٤-هذه الدعوى تفتح الباب للطاعنين على مصراعيه، فإذا ثبت أن القرآن فيه أشياء مكذوبة ومفتراه , إذن كيف يتبع ويلزم به ويتحاكم إليه.
وأما الردود التفصيلية على الشبه التي ذكرها، فهي كالتالي:
-الطعن الأول: قوله تعالى عن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: {ويكلم الناس في المهد}[آل عمران: ٤٦] ، حيث روى الرازي عن اليهود والنصارى أنهم ينكرون أن عيسى تكلم في زمن الطفولة، ويحتجون بأن هذا لو حدث لكان من الوقائع العجيبة التي تنقل بالتواتر (١) .
-الطعن الثاني: وقوله تعالى: {وقال فرعون: يا هامان ابن لي صرحاً}[غافر ٣٦] فالمدعو خلف الله يشير إلى ما رواه الرازي من قول اليهود: أطبق الباحثون عن تواريخ بني إسرائيل وفرعون , أن هامان ما كان موجوداً البتة في زمان موسى وفرعون، وإنما جاء بعدهما بزمن مديد (٢) .
(١) الفن القصصي لخلف الله، ص:٢٥. (٢) السابق، ص:٢٧.