قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَكَانَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي النَّوْمِ، وَكَانَ اسْمُهُ حَنْظَلَةَ بْنَ صَفْوَانَ، فَعَدَوْا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأَلْقَوْهُ فِي الْبِئْرِ، فَغَارَ مَاؤُهَا وَعَطِشُوا بَعْدَ رَيِّهِمْ، وَيَبِسَتْ أَشْجَارُهُمْ، وَانْقَطَعَتْ ثِمَارُهُمْ، وَخَرِبَتْ دِيَارُهُمْ.
وَتَبَدَّلُوا بَعْدَ الْأُنْسِ بِالْوَحْشَةِ، وَبَعْدَ الِاجْتِمَاعِ بِالْفُرْقَةِ، وَهَلَكُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَسَكَنَ فِي مَسَاكِنِهِمُ الْجِنُّ وَالْوُحُوشُ (١) ، فَلَا يُسْمَعُ بِبِقَاعِهِمْ إِلَّا عَزِيفُ الْجِنّ وزئير الاسود (٢) وَصَوْتُ الضِّبَاعِ.
فَأَمَّا مَا رَوَاهُ - أَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ - عَنْ مُحَمَّدِ [بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ عَن (٣) ] ابْن إِسْحَق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أَوَّلَ النَّاسِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ "، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ نَبِيًّا إِلَى أهل قربَة فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنْ أَهْلِهَا إِلَّا ذَلِكَ العَبْد الْأَسْوَدُ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ عَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ فَحَفَرُوا لَهُ بِئْرًا فَأَلْقَوْهُ فِيهَا، ثُمَّ أَطْبَقُوا عَلَيْهِ بِحَجَرٍ أَصَمَّ، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ يَذْهَبُ فَيَحْتَطِبُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ يَأْتِي بِحَطَبِهِ فَيَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا وَشَرَابًا، ثُمَّ يَأْتِي بِهِ إِلَى تِلْكَ (٤) الْبِئْرِ فَيَرْفَعُ تِلْكَ الصَّخْرَةَ وَيُعِينُهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَيُدْلِي إِلَيْهِ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، ثُمَّ يَرُدُّهَا كَمَا كَانَتْ.
قَالَ: فَكَانَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ.
ثُمَّ إِنَّهُ ذَهَبَ يَوْمًا يَحْتَطِبُ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، فَجَمَعَ حَطَبَهُ وَحَزَمَ حُزْمَتَهُ وَفَرَغَ مِنْهَا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْتَمِلَهَا وَجَدَ سنة، فاضطجع فَنَامَ (٥) ، فَضرب الله على أُذُنه سبع سِنِين
(١) ا: والوحش.(٢) ط: الاسد.(٣) سَقَطت من ا.(٤) ا: ذَلِك.(٥) ا: ينَام (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute