وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ شَبِيبِ ابْن بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرَّسُّ بِئْرٌ بِأَذْرَبِيجَانَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي بكر عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: الرَّسُّ بِئْرٌ رَسُّوا فِيهَا نَبِيّهم، أَي دفنوه فِيهَا.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عِكْرِمَةُ: أَصْحَابُ الرَّسِّ بِفَلْجَ وهم أَصْحَاب يس.
وَقَالَ قَتَادَةُ: فَلْجُ مِنْ قُرَى الْيَمَامَةِ.
قُلْتُ: فَإِن كَانُوا أَصْحَاب يس كَمَا زَعَمَهُ عِكْرِمَةُ، فَقَدْ أُهْلِكُوا بِعَامَّةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّتِهِمْ: " إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذا هم خامدون " وَسَتَأْتِي قِصَّتُهُمْ بَعْدَ هَؤُلَاءِ.
وَإِنْ كَانُوا غَيْرَهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَقَدْ أُهْلِكُوا أَيْضًا وَتُبِّرُوا.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَيُنَافِي مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ النقاس: أَنَّ أَصْحَابَ الرَّسِّ كَانَتْ لَهُمْ بِئْرٌ تَرْوِيهِمْ وَتَكْفِي أَرْضَهُمْ جَمِيعَهَا، وَكَانَ لَهُمْ مَلَكٌ عَادِلٌ حَسَنُ السِّيرَةِ، فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوا عَلَيْهِ وَجْدًا عَظِيمًا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ تَصَوَّرَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي صُورَتِهِ وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَمُتْ، وَلَكِنْ تَغَيَّبْتُ عَنْكُمْ حَتَّى أَرَى صَنِيعَكُمْ.
فَفَرِحُوا أَشَدَّ الْفَرَحِ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ حِجَابٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ أَبَدًا، فَصَدَّقَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَافْتَتَنُوا بِهِ وَعَبَدُوهُ.
فَبَعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ نَبيا، فَأخْبرهُم (١) أَنَّ هَذَا شَيْطَانٌ يُخَاطِبُهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شريك لَهُ.
(١) ا: وَأخْبرهمْ.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute