كتاب منهاج السنة النبوية

فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن النبي لم ينص على إمامة أحد وإنه مات عن غير وصية - قول الراوندية بالنص على خلافة العباس - ج: 1 - ص: 509

وَقَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١٦٥] . وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [سُورَةُ يُونُسَ: ١٤] (١) وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٣٠] . وَقَالَ: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [سُورَةُ ص: ٢٦] (٢) ، أَيْ خَلِيفَةً عَمَّنْ قَبْلَكَ مِنَ الْخَلْقِ، لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ (٣) خَلِيفَةٌ عَنِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ مِنَ اللَّهِ كَإِنْسَانِ الْعَيْنِ مِنَ الْعَيْنِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ الْقَائِلِينَ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ، كَصَاحِبِ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ "، وَأَنَّهُ الْجَامِعُ لِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى، وَفَسَّرُوا بِذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٣١] (٤) وَأَنَّهُ مِثْلُ اللَّهِ الَّذِي نُفِيَ عَنْهُ

---

(١) فِي (ن) ، (م) وَرَدَ جُزْءٌ مِنْ أَلْفَاظِ الْآيَتَيْنِ فَقَطْ.
(٢) فِي (ن) ، (م) جَاءَ جُزْءٌ مِنَ الْآيَةِ حَتَّى قَوْلِهِ تَعَالَى. . فِي الْأَرْضِ.
(٣) ن، م: لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ.
(٤) هَذِهِ الْآرَاءُ يَذْكُرُهَا صَاحِبُ كِتَابِ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ "، وَهُوَ ابْنُ عَرَبِيٍّ فِي كِتَابِهِ " فُصُوصِ الْحِكَمِ "، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ أَبِي الْعُلَا عَفِيفِي، ص ٤٩ - ٥١، الْقَاهِرَةِ، ١٣٦٥/١٩٤٦. حَيْثُ يَقُولُ: " فَسُمِّيَ هَذَا الْمَذْكُورُ إِنْسَانًا وَخَلِيفَةً، فَأَمَّا إِنْسَانِيَّتُهُ فَلِعُمُومِ نَشْأَتِهِ وَحَصْرِهِ الْحَقَائِقَ كُلَّهَا، وَهُوَ لِلْحَقِّ بِمَنْزِلَةِ إِنْسَانِ الْعَيْنِ مِنَ الْعَيْنِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ النَّظَرُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْبَصَرِ؛ فَلِهَذَا سُمِّيَ إِنْسَانًا. . فَظَهَرَ جَمِيعُ مَا فِي الصُّورَةِ الْإِلَهِيَّةِ مِنَ الْأَسْمَاءِ فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ فَحَازَتْ رُتْبَةَ الْإِحَاطَةِ وَالْجَمْعِ بِهَذَا الْوُجُودِ. . إِلَخْ ".