ومع أن رغبة الأيم عن الزواج، وكراهيتها له، واعتكافها دونه، لم يكن من مبادئ الإسلام في شيء، فقد قال تعالى:(وأنكحوا الأيامى منكم) الآية، النور (٣٢) .
وعن جابر عن أم مبشر الأنصارية:(أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور (١٢٨٥) فقالت: " إني اشترطت لزوجي ألا أتزوج بعده "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن هذا لا يصلح "(١٢٨٦) .
ومع الرخصة لهن في النكاح والتوسعة عليهن في أمره - فإن كثيرًا من الأيامى أنفن أن يتبدلن ببعولتهن زوجا آخر، وفاءً لهم، وبقيًا على ذكراهم، بل أملا أن تمتد الزوجية بينهم في الدار الآخرة:
فقد كان مما بشر به الإسلام المرأة الصالحة، أن المؤمن إذا دخل الجنة، ألحق به أزواجه: قال تعالى: (جَنات عدن يدخلونها ومن صَلَح من ءابائهم وأزواجهم وذُرياتهم)(الرعد: ٢٣) ، فيجمعهم الله في الجنات منعمِين، يتكئون في ظلالها مسرورين فرحين:(هم وأزواجهم في ظلال على الأرائِك متكون)(يس: ٥٦) ، (ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحْبَرُون)(الزخرف: ٧٠) .
وكان من آيات وفاء كثير من الصالحات لأزواجهن بعد موتهن إمساكُهن عن الزواج، لا لغرض إلا ليكن زوجات لهن في الجنة.
فعن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
(١٢٨٥) أي خطبها لزيد بن حارثة بعد أن مات أهله، كما في رواية البخاري في " التاريخ الكبير ". (١٢٨٦) رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (٢/١٤) ، و " الصغير " (٢/١٣٨) ، والحديث حسنه الحافظ في " الفتح" (٩/٢١٩) ، وكذا حسنه الألباني بشاهده عند البخاري في" التاريخ الكبير"، انظر: " الصحيحة" حديث رقم (٦٠٨) .