إذا دخل على أهل الدنيا، فرأى من دنياهم طرفًا، فإذا رجع إلى أهله، فدخل الدار، قرأ:(ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) ثم يقول: " الصلاةَ الصلاة، رحمكم الله "(٩٠٨) ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي، حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، ويقول لهم:" الصلاةَ، الصلاةَ " ويتلو هذه الآية: (وأمر أهلك) الآية (٩٠٩) .
[ (وعن القاسم بن راشد الشيباني قال: كان زمعة نازلًا عندنا بالمحصب، وكان له أهل وبنات، وكان يقوم فيصلي ليلًا طويلًا، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: (أيها الركب المعرسون، أكُلَّ هذا الليل ترقدون! أفلا تقومون فترحلون؟ " فيتواثبون، فَيُسمع من ههنا باك، ومن ههنا داع، ومن ههنا قارئ، ومن ههنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته: " عند الصباح يحمد القوم السرى " (٩١٠) ] .
فائدة جليلة:(قوله تعالى في هذه الآية: (لا نسألك رزقًا نحن نرزقك) فيه دفع لما عسى أن يخطر ببال أحد من أن المداومة على الصلاة ربما تضر بأمر المعاش، فكأنه قيل: داوموا على الصلاة غير مشتغلين بأمر المعاش عنها، إذ لا نكلفكم رزق أنفسكم، إذ نحن نرزقكم، وتقديم المسند إليه للاختصاص أو لإفادة التقوى، وقد قال تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله
(٩٠٨) أخرجه الطبري (١٦/١٧٠) ، وعزاه السيوطي في " الدر المنثور" (٤/٣١٣) لابن المنذر، وابن أبي حاتم. (٩٠٩) أخرجه الإمام مالك في " الموطأ " (١/١١٩) في صلاة الليل: باب ما جاء في صلاة الليل، وقال في " تحقيق جامع الأصول " (٦/٦٩) : " إسناده صحيح ". (٩١٠) "الإحياء" (١٥/٢٧٧٢) .