كفنًا وحَنُوطًا، وقالت له:" يا بُنَيَّ، إذا أردتَ لقاء العدو فتكفنْ بهذا الكفن، وتحنط بهذا الحَنُوطِ، وإياك أن يراك الله مُقَصرا في سبيله "، ثم ضَمَّتهُ إلى صدرِها، وَقَبلَتْهُ بين عينيه، وقالت له:" يا بني لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عَرَصات القيامة ".
قال عبد الواحد: فلما بَلَغْنَا بلادَ العدو، ونُودِي في النفير، وبرز الناس للقتال، برز إبراهيمُ في المقدمة، فقتل من العدو خَلْقًا كثيرَا، ثم اجتمعوا عليه فقُتِل.
قال عبد الواحد: فلما أردنا الرجوعَ إلى البصرة قلت لأصحابي: " لا تُخبروا أمَّ إبراهيم بخبر ولدها، حتى ألقاها بحسن العزاء، لئلا تجزعَ فيذهبَ أجرُها "، قال: فلما وصلنا البصرة خرج الناسُ يَتَلَقوْنَنَا، وخرجت أم إبراهيم فيمن خرج، قال عبد الواحد: فلما نَظَرَتْ إليَّ قالت: " يا أبا عبيد، هل قُبِلتْ منى هَدِيتي فَأهنأ، أم رُدتْ عَلى فَأعزى؟ "، فقلت لها: (قد قُبِلَتْ هديتُكِ، إن إبراهيمَ حَي مع الأحياء يرزَق " (د) ، قال: فخرت ساجدةَ لله شكَرا، وقالت: " الحمد لله الذي لم يخيب ظني، وتقبل نسكي مني "، وانصرفت، فلما كان من الغد أتت إلى مسجد عبد الواحد، فنادت: (السلام عليك يا أبا عبيدٍ بُشْراك "، فقال:" لا زلتِ مُبَشرةً بالخير "، فقالت له:(رأيت البارحةَ ولدي إبراهيم، في روضة حسناء، وعليه قبة خضراء، وهو على سرير من اللؤلؤ، وعلى رأسه تاجٌ وإكليل، وهو يقول: (يا أماه أبشري، فقد قُبِلَ المهرُ، وزُفت العروس ")(هـ) .
(د) الصحيح أن يدعو له بالشهادة، أو يستثني فيقول: " إن شاء الله "، انظر: " فتح الباري، (٦/ ٨٩) . (هـ) ذكر هذه القصة الشيخ محمود العالم رحمه الله في مختصره: (فكاهة الأذواق من =