وَيَكْمُلَ الْثَّوَابُ" (١).
فَقَد جَعَلَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَحْمَد وَأَصْحَابُة إِعَادَةَ الْمَنْسِي مِنَ الْآيَاتِ وَحْدَهُ يُكْمِل الْخَتْمَةَ وَالثَّوَابَ، وَإِن كَانَ قَد أَخَلَّ بِالْتَرْتِيبِ هُنَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْرَأ تَمَامَ الْسُورَةِ.
فَهَكَذَا مَن تَرَكَ غَسْلَ عُضْوٍ أَو بَعْضَهُ نِسْيَانًا: يَغْسِلُهُ وَحْدَهُ، وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ مَا بَعْدَهُ، فَيَكُونُ قَد غَسَلَهُ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ.
وَهَذَا الْتَفْصِيلُ يُوَافِقُ مَا نُقِلَ عَن الْصَحَابَةِ وَالْأَكْثَرِينَ، فَإِنَّ الْأَصْحَابَ وَغَيْرهمْ فَعَلُوا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِر عَن عَليٍ وَمَكحُولٍ وَالْنَخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي فِيمَن نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَرَأَى فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ فَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِإِعَادَةِ غَسْلِ رِجْلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (٢).
وَنَقَلُوا فِي الْوُجُوبِ عَن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ، وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ.
وَصُورَةُ النِّسْيَانِ مُرَادَةٌ قَطْعًا.
فَتبَيَّنَ أَنَّهَا قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ أَو جَمِيعِهِمْ.
وَالْأَمْرُ الْمُنْكَرُ: أَنْ تتَعَمَّدَ تَنْكِيسَ الْوُضُوءِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: سُقُوطُ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ بِالنِّسْيَانِ، وَكَذَلِكَ سُقُوطُ الْمُوَالَاةِ كمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ النِّسْيَانِ مِن الْأَعْذَارِ؛ مِثْلُ بُعْدِ الْمَاءِ، كَمَا نُقِلَ عَن ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا إذَا جَازَ فِيهَا عَدَمُ الْمُوَالَاةِ لِلْعُذْرِ؛
(١) المغني (٢/ ١٢٧).(٢) وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لِمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ الْبَلَلِ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَهُمْ وَكَانَ كَمَنْ لَمْ يَمْسَحْ. الاستذكار (١/ ٢٠٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute