وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ:{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} ١ فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر٢. فإذا وقف قال:{لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ٣. و {كِتَابِيَهْ} ٤. و {حِسَابِيَهْ} ٥. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} ٦، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر.
ويقال للريح الجنوب: النعامى. قال أبو ذؤيب:
مرته النعامى فلم يعترف ... خلاف النعامى من الشأم ريحا
ومعنى مرته استرته. وفي الحديث:"ما هبت الريح الجنوب إلا أسال الله بها وادياً".
وقال رجل يمدح رجلاً:
فتى خلقت أخلاقه مطمئنة ... له نفحات ريحهن جنوب
يريد أن الجنوب تأتي بالمطر والندى.
والعرب تكره الدبور، وفي الحديث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور".
وقلما يكون بالدبور المطر، لأنها تجفل السحاب، ويكون فيها الرهج والغبرة.
ولا تهب إلا أقل ذاك بشدة، فتكاد تقلع البيوت وتأتي على الزروع.
١ ر: "في قول بعضهم". ٢ سورة البقرة ٢٥٩. ٣ سورة الأنعام ٩٠. ٤ سورة الحاقة ١٩. ٥ سورة الحاقة ٢٠. ٦ سورة محمد ١٥.