وقال الفرزدق في هذا المعنى، والنوار تخاصمه عند عبد الله بن الزبير بن العوام:
فدونكها يا ابن الزبير فإنها ... مولعة يوهي الحجارة قيلها
إذا جلست عند الإمام كأنما١ ... ترى رفقة من خلفها تستحيلها
قوله: مولعة. يقول: كأنها٢ مولعة بالنظر مرة ههنا ومرة ههنا. وقوله: ترى رفقة يقال: رفقة ورفقة. ومعنى تستحيلها: تتبين حالاتها.
قال حميد بن ثور:
إذا خرجت تستحيل الشخوص٣ ... من الخوف تسمع ما لا ترى٤
ومن عجيب التشبيه قول جرير فيما يكنى ذكره:
ترى الصبيان عاكفة عليها ... كعنفقة الفرزدق حين شابا٥
ويقال: إن الفرزدق حين أنشد النصف الأول ضرب بيده إلى عنفقته توقعا لعجز البيت.
ومن التشبيه الحسن قول جرير في صفة٦ الخيل:
يشتفن للنظر البعيد كأنما ... إرنانها ببوائن الأشطان
قوله: يشتفن ويتشوفن في معنى واحد. وقوله: كأنما إرنانها ببوائن الأشطان، أراد شدة صهيلها. يقول: كأنما يصهلن في آبار واسعة تبين أشطانها عن نواحيها.
ونظر ذلك قول النابغة الجعدي:
ويصهل في مثل جوف الطوي ... صهيلاً يبين للمعرب
١ ر: "كأنها", وما أثبته عن الأصل: س.
٢ ساقطة من ر.
٣ كذ١افي الأصل س, وفى ر: "مروعة تستحيل الشخوص" وهي رواية الديوان ٤٧.
٤ وفى زبادات طبعة المرصفى: قوله: مروعة" يقول: كل شئ يدنينى من الظفر بها يروعها وبنفها.
٥ العنفقة: ما بين الذقن وطرف الشفة السفلى من الشعر.
٦ قال المرصفى: "هذا خطأ, صوابه قول الفرزدق يهجو جريرا ويمدح بنى تغلب, وهو فى ديوانه ٨٨٢.