وفي قوله تعالى:{مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(١)
من الملائكة والثقلين كما يقتضيه ظاهر التعبير بمن التي تختص بالعقلاء مع كون غيرهم أيضا كذلك، لأنهم العمدة، وانقيادهم دليل على انقياد غيرهم، والتعبير بمن للتغليب (٢).
{وَظِلَالُهُمْ}(٣) أي وتسجد ظلالهم، جمع ظل، وهو ما ستره الشيء عن شعاع الشمس، يقصر مرة ويمتد أخرى (٤).
وسجود الظلال له معنيان:
الأول: السجود حقيقة، بمعنى الميلان والانحناء (٥). كما في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ}(٦). قال مجاهد: ظل المؤمن يسجد طوعا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره (٧). قال ابن الأنباري: يجعل للظلال عقول تسجد بها وتخشع بها، كما جعل للجبال أفهام حتى خاطبت وخوطبت (٨).
(١) سورة الرعد الآية ١٥ (٢) انظر: روح المعاني للألوسي ١٣/ ١٢٦. (٣) سورة الرعد الآية ١٥ (٤) انظر غرائب التفسيرات للكرماني ١/ ٥٦٥. (٥) انظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٦١، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٩/ ٣٠٢. (٦) سورة النحل الآية ٤٨ (٧) تفسير الطبري ١٦/ ٤٠٤. (٨) الجامع لأحكام القرآن ٩/ ٣٠٢. وفتح القدير للشوكاني ٣/ ٧٣.