وقال في الآية الأخرى:{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[ق: ٢٢] .
فقالوا: كيف يكون هذا من الكلام المحكم؟ فيقول: إنه أعمى، ويقول:{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} فشكُّوا في القرآن٢.
٢ قال الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: ٤٥] الآية. هذه الآية الكريمة تدل على أن الكفار يوم القيامة ينظرون بعيون خفية ضعيفة النظر، وقد جاءت آية أخرى يتوهم منها خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢] . والجواب: هو ما ذكره صاحب الإتقان، من أن المراد بحدة البصر: العلم وقوة المعرفة. قال قطرب: فبصرك أي علمك ومعرفتك بها قوية من قولهم: بصر بكذا أي علم، وليس المراد رؤية العين. قال الفارسي: ويدل على ذلك قوله: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} . وقال بعض العلماء: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} أي تدرك به ما عميت عنه في دار الدنيا، ويدل لهذا قوله تعالى: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا} [السجدة: ١٢] الآية. وقوله: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: ٥٣] الآية، وقوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [مريم: ٣٨] . ودلالة القرآن على هذا الوجه الأخير ظاهرة، فلعله هو الأرجح، وإن اقتصر صاحب الإتقان على الأول. انظر: دفع إيهام الاضطراب "١٧٦/١٠". =