أما قوله:{وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه: ١٢٤] عن حجته، وقال:{رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى} عن حجتي {وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا} بها مخاصمًا بها، فذلك قوله:{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ}[القصص: ٦٦] .
يقول: الحجج {فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ}[القصص: ٦٦] ، وأما قوله:{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} .
وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره، شخص بصره، ولا يطرف بصره حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، فذلك قوله:{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[ق: ٢٢] .
يقول: غطاء الآخرة. فبصرك يحد النظر، لا يطرف حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة١.
= وقال أيضًا رحمه الله: قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: ١٢٤] . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من أعرض عن ذكره يحشره يوم القيمة في حال كونه أعمى، وأن المراد بقوله: أعمى، أي أعمى البصر لا يرى شيئًا. والقرينة المذكورة هي قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا} [طه: ١٢٥] فصرَّح بأن عَمَاه هو العمى المقابل للبصر، وهو بصر العين؛ لأن الكافر كان في الدنيا أعمى القلب، كما دلت على ذلك آيات كثيرة من كتاب الله. انظر: أضواء البيان "٤١٣/٤، ٤١٤" "٢٧٦/٦، ٢٧٧". ١ انظر: تفسير الطبري "٢٢٨/١٦" "١٦٣/٢٦" وتفسير ابن كثير "١٧٩/٣" "٢٤١/٤".