وقد اسْتَشكَلَ الشيخُ أبو عَمْرِو بْنُ الصَّلاحِ قولَ التِّرْمِذِيِّ في الحديث الواحد:"حَسَنٌ صَحِيحٌ"؛ لأن الحسن قاصرٌ عن رُتْبة الصحيح؛ ففي الجمع بينهما في الحديث الواحد جَمْعٌ بين القُصُور وعدمِهِ (٢).
والجواب: أنَّ الحديثَ الذي قيل فيه ذلك: إن كان فردًا، فللتردُّد في راويه؛ لأنه عند قَوْمٍ في رتبة مَنْ حديثُهُ صحيحٌ، وعند آخرينَ في رُتْبه مَنْ حديثُهُ حَسَنٌ؛ وعلى هذا: إنَّ ما قِيلَ فيه: "حسن صحيح" دون ما قيل فيه: "صحيح"
وأورد عليه بأنَّ الترمذيَّ يجمع بينهما في الحديث الذي لا خِلافَ في رواته، إن كان الحديثُ الذي قِيلَ فيه ذلك ليس بفَرْد؛ فباعتبار إسنادَيْن.
أحدهما: يقتضي الحُسْن، والآخر يقتضي الصِّحَّة؛ لأنَّ كثرة الطرق تقِّوي؛ وعلى هذا: فما قيل فيه: "حَسَنٌ صَحِيحٌ" فوق الذي قيل فيه: "صحيح".
واعلم: أن الحسن الذي يَجْمَعَ الترمذيُّ بينه وبين الصحيح هو الذي
(١) انظر: ""مقدمة ابن الصلاح"" (١٨٥)، " "فتح المغيث"" - للعراقي (٤٧)، "نزهة النظر" (٣٣ - ٣٤)، "النكت على ابن الصلاح"- لابن حجر (١/ ٤٧٥)، "شرح علل الترمذي" - لابن رجب (٢/ ٦٠٨)، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (١٨/ ٤١). (٢) انظر ""مقدمة ابن الصلاح"" ص (١٨٥).