قَلَّ ضبط رواتِهِ، ولم يعرِّفْهُ الترمذيُّ؛ لكونه معروفًا عندهم؛ كما لم يعرِّفِ الصحيحَ لذلك، وإنَّمَا عرَّف الحسن الذي يُفْرَد بالذِّكْر؛ لكونه اصطُلِحَ عليه؛ وذلك: أنه يقول في بعضِ الأحاديث: "حَسَنٌ"، وفي بعضها:"حَسَنٌ صحيح"، وفي بعضها:"حسنٌ غَرِيب"، وفي بعضها "حسنٌ صحيحٌ غريبٌ"، وقال (١) آخر كتابه "و ما قلنا في كتابنا: حَدِيثٌ حسن - فإنما أردنا به عندنا: كُلَّ حديث لا يكونُ راوِيهِ متَّهمًا بكَذِب، ويُرْوَى من غير وجه نحو ذلك؛ فلا يكونُ شاذًّا؛ فهو عندنا حديثٌ حَسَنٌ"(٢)؛ فعُرِفَ بهذا أَنَّما عرَّف الذي يقول فيه: حسنٌ فقطْ؛ فلا يَرِدُ ما قيل: إنه قد صرَّحَ بأنَّ شرط الحسن أن يروى مِنْ غَيْر وَجْه؛ فكيف يقولُ في بعض الأحاديث:"حسنٌ غريب، لا نعرفه إلا مِنْ هذا الوجه"(٣)؟!
والحاصل: أنَّ الترمذيَّ أورد في كتابه سبعةَ أصنافٍ من الأحاديثِ، وعبَّر عن كلِّ صِنْفٍ بعبارة خاصَّةٍ؛ وذلك أنه يقول في بعضها "حسن"، وفي بعضها:"صحيح"، وفي بعضها "غريب"، وفي بعضها:"حسن صحيح"، وفي بعضها:"حسن غريب"، وفي بعضها:"صحيحٌ غريب"، وفي بعضها:"حسنٌ صحيح غريب"، ولم يُعَرِّفْ من تلك الأصناف سوى الحَسَنِ، وشَرَطَ فيه ما شَرَطَ.
والقسم الذي يَجْمَعُ بينه وبين الغريب - قِسْمٌ آخَرُ غير هذا.
(١) أي: الترمذي. (٢) انظر كتاب "العلل الصغير" في آخر "سنن الترمذي" (٥/ ٧٥٨). (٣) انظر "نزهة النظر" (٣٣، ٣٤).