{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) }
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ} وَهِيَ الْبُسْتَانُ الَّذِي فِي غَايَةِ النَّضَارَةِ، {يُحْبَرُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْرَمُونَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يُنَعَّمُونَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُسَرُّونَ. وَ"الْحَبْرَةُ": السُّرُورُ. وَقِيلَ: "الْحَبْرَةُ" فِي اللُّغَةِ: كُلُّ نِعْمَةٍ حَسَنَةٍ، وَالتَّحْبِيرُ التَّحْسِينُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: "تُحْبَرُونَ" هُوَ السَّمَاعُ فِي الْجَنَّةِ (١) . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا أَخَذَ فِي السَّمَاعِ لَمْ يَبْقَ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا وَرَدَّتْ، وَقَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْ إِسْرَافِيلَ، فَإِذَا أَخَذَ فِي السَّمَاعِ قَطَعَ عَلَى أَهْلِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ صَلَاتَهُمْ وَتَسْبِيحَهُمْ. {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} أَيْ: الْبَعْثِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} أَيْ: سَبِّحُوا اللَّهَ، وَمَعْنَاهُ: صَلُّوا لِلَّهِ، {حِينَ تُمْسُونَ} أَيْ: تَدْخُلُونَ فِي الْمَسَاءِ، وَهُوَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} أَيْ: تَدْخُلُونَ فِي الصَّبَاحِ، وَهُوَ صَلَاةُ الصُّبْحِ. {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يحمده أهل السموات وَالْأَرْضِ وَيُصَلُّونَ لَهُ، {وَعَشِيًّا} أَيْ: صَلُّوا لِلَّهِ عَشِيًا، يَعْنِي صَلَاةَ الْعَصْرِ، {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} تَدْخُلُونَ فِي الظَّهِيرَةِ، وَهُوَ صَلَاةُ الظُّهْرِ. قَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَرَأَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، وَقَالَ: جَمَعَتِ الْآيَةُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَمَوَاقِيتَهَا (٢) . أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
(١) الطبري: ٢١ / ٢٧-٢٨، الدر المنثور: ٦ / ٤٨٦، المحرر الوجيز: ١٢ / ٢٤٩، زاد المسير: ٦ / ٢٩٣.(٢) أخرجه الطبري: ٢١ / ٢٩، وصححه الحاكم: ٢ / ٤١١، والطبراني في الكبير: ١٠ / ٣٠٤، وزاد السيوطي نسبته لعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم: ٦ / ٤٨٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute