{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦) } .
{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ} الَّذِي حَمَلُوهُ مِنْ مِصْرَ، {وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ} ثَمَنَ الطَّعَامِ، {رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي} أَيْ: مَاذَا نَبْغِي وَأَيَّ شَيْءٍ نَطْلُبُ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِحْسَانَ الْمَلِكِ إِلَيْهِمْ، وَحَثُّوهُ عَلَى إِرْسَالِ بِنْيَامِينَ مَعَهُمْ، فَلَمَّا فَتَحُوا الْمَتَاعَ وَوَجَدُوا الْبِضَاعَةَ، {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} أَيَّ شَيْءٍ نَطْلُبُ بِالْكَلَامِ، فَهَذَا هُوَ الْعِيَانُ مِنَ الْإِحْسَانِ وَالْإِكْرَامِ، أَوْفَى لَنَا الْكَيْلَ وَرَدَّ عَلَيْنَا الثَّمَنَ. أَرَادُوا تَطْيِيبَ نَفْسِ أَبِيهِمْ، {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أَيْ: نَشْتَرِي لَهُمُ الطَّعَامَ فَنَحْمِلُهُ إِلَيْهِمْ. يُقَالُ: مَارَ أَهْلَهُ يَمِيرُ مَيْرًا: إِذَا حَمَلَ إِلَيْهِمُ الطَّعَامَ مِنْ بَلَدٍ [إِلَى بَلَدٍ آخَرَ] (١) . وَمِثْلُهُ: امْتَارَ يَمْتَارُ امْتِيَارًا. {وَنَحْفَظُ أَخَانَا} بِنْيَامِينَ، أَيْ: مِمَّا تَخَافُ عَلَيْهِ. {وَنَزْدَادُ} عَلَى أَحْمَالِنَا، {كَيْلَ بَعِيرٍ} أَيْ: حِمْلَ بَعِيرٍ يُكَالُ لَنَا مِنْ أَجْلِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يُعْطِي بِاسْمِ كُلِّ رَجُلٍ حِمْلَ بَعِيرٍ، {ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} [أَيْ: مَا حَمَلْنَاهُ قَلِيلٌ لَا يَكْفِينَا وَأَهْلَنَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ] (٢) لَا مُؤْنَةَ فِيهِ وَلَا مَشَقَّةَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْبَعِيرُ هَا هُنَا هُوَ الْحِمَارُ. كَيْلَ بَعِيرٍ، أَيْ: حِمْلَ حِمَارٍ، وَهِيَ لُغَةٌ، يُقَالُ لِلْحِمَارِ: بَعِيرٌ. وَهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ حُمُرٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَنَّهُ الْبَعِيرُ الْمَعْرُوفُ.
{قَالَ} لَهُمْ يَعْقُوبُ، {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ} تُعْطُونِي {مَوْثِقًا} مِيثَاقًا وَعَهْدًا، {مِنَ اللَّهِ} وَالْعَهْدُ الْمُوَثَّقُ: الْمُؤَكَّدُ بِالْقَسَمِ. وَقِيلَ: هُوَ الْمُؤَكَّدُ [بِإِشْهَادِ اللَّهِ] (٣) عَلَى نَفْسِهِ {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} وَأَدْخَلَ اللَّامَ فِيهِ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ الْيَمِينُ، {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} قَالَ مُجَاهِدٌ إِلَّا أَنْ تَهْلَكُوا جَمِيعًا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَّا أَنْ تَغْلِبُوا حَتَّى لَا تُطِيقُوا ذَلِكَ.
وَفِي الْقِصَّةِ: أَنَّ الْإِخْوَةَ ضَاقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَجَهِدُوا أَشَدَّ الْجُهْدِ، فَلَمْ يَجِدْ يَعْقُوبُ بُدًّا مِنْ إِرْسَالِ بِنْيَامِينَ مَعَهُمْ.
{فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} ١٨٤/ب أَعْطَوْهُ عُهُودَهُمْ (٤) ، {قَالَ} يَعْنِي: يَعْقُوبَ
(١) ساقط من "ب".(٢) ساقط من "ب".(٣) في "ب": بالشهادة.(٤) في "ب": عهدهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute