من العلم، ونشأ هو غير معنيٍّ بطلب الحديث، كما يدل عليه النظر في وفيات شيوخه الذين تثبتُ روايته عنهم. وعاش أنس رضي الله عنه بالبصرة إلى أن مات سنة إحدى وتسعين وقيل: بعدها بسنة، وقيل: بسنتين ــ أي: وعمر أبي حنيفة ما بين إحدى عشرة إلى ثلاث عشرة، ولم يكن عادة الناس في ذاك العصر التبكير بالسماع. وفي «الكفاية»(ص ٥٤): «قلَّ من كان يُثبت (وفي نسخة: يكتب) الحديث ــ على ما بلغنا ــ في عصر التابعين وقريبًا منه إلّا مَن جاوز حدَّ البلوغ، وصار في عداد من يصلح لمجالسة العلماء ومذاكرتهم وسؤالهم. وقيل: إن أهل الكوفة لم يكن الواحد منهم يسمع الحديث إلا بعد استكماله عشرين سنة». ثم روى بعد ذلك حكايات، منها:«أنه قيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ قال: كان أهل الكوفة لا يُخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارًا حتى يستكملوا عشرين سنة». وروى الخطيب في «التاريخ»(١) من طريق حمزة السهمي قال: «سئل الدارقطني عن سماع أبي حنيفة من أنس هل يصح؟ قال: لا، ولا رؤيته». فذكر الأستاذ ذلك (ص ١٥) ونازع [١/ ٢٨٨] في ذلك بما نظرتُ فيه في ترجمة أحمد بن محمد بن الصلت (٢). وضجَّ الأستاذ في (ص ١٩٦) من إنكار سماع أبي حنيفة من أنس، قال:«مع أن أبا حنيفة كان أكبر سنًّا من أقلِّ سنِّ التحمل عند المحدثين بكثير في جميع الروايات في وفاة أنس».
هذا كله مع أن أسطورة الدراهم والتحديث عمن لم يدركه، إنما أخذها