أدَّيتُ عنه الدية التي لزمته. فأما المقتول، فإنما يقال:«وديته»، وقد يقال: هذه دية من القتيل، أي بدل عنه. قال الشاعر (١):
عَقَلنا لها من زوجها عددَ الحصَى
قال ابن قتيبة في كتاب «المعاني»(٢): «يقول: قتلنا زوجها، فلم نجعل عقلَه إلا همَّها ... والمغموم يُولَع بلَقْط الحصى وعدِّه». و «مِنْ» هذه هي البدلية، مِثلُها في قوله تعالى:{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}[التوبة: ٣٨]. وفي صغار كتب العربية أن «عن» للمجاوزة، وإذا أديتَ الدية فإنما جعلتَها تُجاوِز ذمةَ القاتل، كما تقول: أديتُ عن فلان الدين الذي كان عليه. ولا معنى لمجاوزتها المقتول.
وبعد، فلا ريب أن الأصل «عقلت قوائم الإبل»، لكن استغنوا عن القوائم على كل حال، فقالوا:«اعقِلْ ناقتك». ثم كثر عقلُ الإبل في الدية، فاستغنوا في ذكر الدية عن لفظ الإبل. [٢/ ٩٣] يقول ولي المقتول أو المصلح: اعقِلوا. ويقول أولياء القاتل: سنعقِل. وكثر ذلك حتى صار المتبادر من العقل في قضايا القتل معنى الدية، فاستُعمل في معناها حتى جُمِع جمْعَها فقيل:«عقول» بمعنى «ديات». فإذا قيل في قضايا القتل: عقلتُه فمعناه: وديتُه، أي أدَّيتُ ديته. وإذا قيل: عقلتُ عنه، فالمعنى: وديتُ عنه، أي أدَّيت عنه الدية التي كانت مستقرةً عليه، فجعلتُها تجاوزه. هذا هو المعروف في العربية.
(١) عجزه: مع الصبح أو في جنح كل أصيلِ. والبيت بلا نسبة في «الحيوان» (١/ ٦٥). (٢) «المعاني الكبير» (٢/ ١٠٠٧).