ففصل برسالة ربه، وشيعته الملائكة يصافحونه، ويدعون له بالنصر والظفر على عدوه.
قال وهب: أوحى الله عز وجل إلى هارون عليه السلام يبشره بنبوة موسى وأنه قادم عليه، وأنه قد جعله وزيراً ورسولاً مع موسى إلى فرعون وملئه، فإذا كان يوم الجمعة لغرة ذي الحجة، قبل طلوع الشمس، ينظر إلى شاطئ النيل، فإنها السعة التي تلتقي أنت وأخوك موسى. قال: فأقبل موسى في ذلك الوقت، وخرج هارون من عسكر بني إسرائيل، حتى التقي هو وموسى على شاطئ النيل، فلقيه فقال له موسى: انطلق بنا إلى فرعون، فانطلقا على وجوههما حتى انتهيا إلى فرعون، وهو في مدينة لها سبعة وسبعون مدينة، في كل مدينة سبعون ألف مقاتل، بين كل مدينتين الزراع والأنهار، تأتي عليهم الحقب، لا يموت منهم ميت وهو في مجلس له، يرقى فيه سبعة آلاف درجة، إذا رقي على دابته رفع لها كفلها حتى يحاذي منسجها، وإذا هبط رفع له منسجها حتى يحاذى بكفلها، لا يسعل ولا يبول ولا يمتخط ولا يتغوط إلا في كل عشرة أيام مرة. قد أنبت حول مدائنة الغياض، وألقيت فيها الأسد، وجعل ساستها يشلونها على من يشاء، ويكفونها عمن يشاء، وطرق فيما بينهما إلى أبواب مدائنه، من أخطأها ووقع في تلك الأسد مزقته، وقد جعل فرعون بني إسرائيل عساكر من وراء مدينة يعملون له، فذو القوة منهم قد قرحت عواتقهم من نقل الحجارة والطين، ومن دون ذلك قد قرحت أيديهم من العمل ومن دونهم يؤدي الخراج؛ فمن غابت له الشمس قبل أن يؤدي الذي عليه غلت يده إلى عنقه شهراً وعمل بشماله، والنساء ينسجن ثياب الكتان، فكانوا على ذلك حتى بعث الله موسى، فسبحان الله ما أعظم سلطانه وأعلى شأنه وعن ابن عباس قال: لما قال الله لموسى: " اذهب إلى فرعون إنه طغى " قال: يا رب أذهب إلى