فقد تبيَّن أن أصلَ السعادة وأصلَ النجاة من العذاب هو توحيدُ الله بعبادته وحده لا شريك له، والإيمانُ برسله واليوم الآخر، والعملُ الصالح. وهذه الأمورُ ليست في حِكمتهم وفلسفتهم المبتدَعة، ليس فيها الأمرُ بعبادة الله وحده والنهيُ عن عبادة المخلوقات، بل كلُّ شركٍ في العالم إنما حدث برأيِ جنسِهم (١)، إذ بينوا ما في الأرواح (٢) والأجسام من القوى والطبائع، وأن صناعةَ الطلاسم والأصنام والتعبد لها يورثُ منافعَ ويدفعُ مضارَّ, فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له.
ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم يَنْه عنه (٣)، بل يقرُّ هؤلاء وهؤلاء، وإن
(١) انظر: «الرد على المنطقيين» (١٠١ - ١٠٦, ١٣٧, ١٨٢, ٢٨٣ - ٢٨٩, ٤٥٤). (٢) (ط): «إذ بنوه على ما في الأرواح». (٣) كابن سبعين وابن هود والتلمساني وأتباعهم من متفلسفة المتصوفة. انظر: «الرد على المنطقيين» (٢٨٢) , و «الصفدية» (١/ ٢٦٨) , و «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٦٤).