قلت: أكان منكم أهل البيت أحد يسبُّ أبا بكر وعمر؟ قال: لا، فأحبّهما وتولّهما واستغفر لهما» (١).
ما كان نقله لمثل هذه الرواية إلا لاستفاضة المدح للصحابة بحيث يستحيل أن يخفيه هو أو غيره.
الرواية السادسة: قال عروة بن عبد الله سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيف فقال: «لا بأس به قد حلَّى أبو بكر الصدّيق سيفه»، قال: قلت: وتقول الصدّيق؟ قال: فوثب وثبةً واستقبل القبلة ثم قال: «نعم الصدّيق نعم الصدّيق فمن لم يقل الصدّيق فلا صدَّق الله له قولاً في الدنيا والآخرة»(٢).
لقد كان «الباقر» مثالاً حياً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(٣)، فلم تكن في نفسه خبيئة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل كان يجلهم ويعرف لهم حقهم الذي افترضه الله تعالى عليه وعلى المؤمنين جميعا.
الرواية السابعة: يقول «الباقر» رضي الله عنه في معرض تعبيره عن استنكاره ورفضه للتهم الباطلة المنسوبة إليه في نظرته للصحابة رضي الله عنهم: «يا جابر بلغني
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد (٥/ ٣٢١). (٢) البداية والنهاية (٩/ ٣٤٠)، كشف الغمَّة (٢/ ٣٦٠). (٣) الحشر (١٠).