قلت: ذكر النبيذ فيه منكر عند الحفاظ لضعف أبي زيد (١) وجهالته، قال ابن عبد البر (٢): اتفقوا على أن أبا زيد مجهول وحديثه منكر، وقال البخاري (٣): لا يصح حديثه، وقال أبو داود (٤): كان أبو زيد نباذا بالكوفة.
قال ابن سيد الناس في «عيون الأثر»(٥): ورويناه من حديث الثوري وإسرائيل وشريك والجراح بن مليح وأبي عميس، كلهم عن أبي فزارة، وغير طريق أبي فزارة عن أبي زيد لهذا الحديث أقوى منها للجهالة الواقعة في أبي زيد، ولكن أصل الحديث مشهور عن ابن مسعود من طرق حسان متظافرة، ثم يشهد بعضها لبعض ويشد بعضها بعضا، و لم يتفرد طريق أبي زيد إلا بما فيها من التوضؤ بنبيذ الثمر. اهـ.
قلت: وقد روي هذا الحديث عن ابن مسعود من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود وغيرهما.
فصل: وأما حديث الزبير، فقال الطبراني (٦): حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا أبي، ثنا بقية بن الوليد، حدثنا نمير بن يزيد القيني، حدثنا أبي، ثنا قحافة بن ربيعة، قال: حدثنا الزبير بن العوام قال: صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح في مسجد النبي ﷺ فلما انصرف قال: «أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة»، فأسكت القوم فلم يتكلم منهم أحد، قال ذلك ثلاثا، فمر بي يمشي فأخذ بيدي، فجعلت أمشي معه حتى غيبت عنا جبال المدينة كلها، وأفضينا إلى أرض براز، فإذا رجال طوال كأنهم الرماح مستدفرين ثيابهم من بين أرجلهم، فلما رأيتهم
(١) أبو زيد القرشى المخزومي الكوفي، وقيل أبو زائد، وقيل أبو زايد أو أبو زيد (بالشك)، مولى عمرو بن حريث، انظر «ميزان الاعتدال» ٤/ ٥٢٦. (٢) في «الدرر في اختصار المغازي والسير» ص ٦٠، وعزاه إليه الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» خلال ترجمة أبي زيد ١٢/ ١٠٣. (٣) كما في «الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي ٩/ ١٩٠. (٤) كما في «تهذيب الكمال» للمزي ٣٣/ ٣٣٢. (٥) «عيون الأثر» لابن سيد الناس ١/ ١٥٩. (٦) «المعجم الكبير» للطبراني ١/ ١٢٥.