للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى على عباده. فلما كان يوم الاثنين تاسع عشرين رجب، الموافق لرابع عشرين مسرى، فتح السدّ وجرى الماء فى الخليج الحاكمى والناصرى، وقد قيل فى المعنى:

عجبت لنيل مصر وفّى … على جور الأنام العاديات

فخضنا فى حديث النيل لكن … مزجناه بأوصاف الفرات

وكان الذى فتح السدّ فى ذلك اليوم يونس باشاه نائب السلطنة، فلم يكن ليوم الوفاء بهجة مثل العادة، وبطل ما كان يعمل فى ذلك اليوم من الأسمطة التى (١) كانت تصنع بالمقياس، والمجامع الحلوى والمشنّات الفاكهة التى كانت تفرّق فى ذلك اليوم، فنزل يونس باشاه فى الحراقة السلطانية وتوجّه إلى السدّ وفتحه على العادة، ولكن أين الثريا من يدى المتناول، بالنسبة لما كان يعمل فى يوم الوفاء بمصر. - ومن الحوادث أن الماء لما دخل إلى بركة الرطلى سكنت العثمانية فى بيوت الجسر قاطبة، وربطوا خيولهم فى القياطين المطلة على البركة، وأخذوا الأبواب والطيقان والدرابزينات فأوقدوها (٢) فى النار، وكذلك بيوت المسطاحى وحكر الشامى، وسكنوا فى بيوت الأكابر التى (٣) على البركة قاطبة، فامتنعت مراكب البيّاعين من الدخول إلى البركة، وكذلك المتفرّجين، ومنعوا المتفرّجين من الدخول إلى الجسر، وصاروا يهوّشون (٤) على الناس بالعصى. وأما الجزيرة الوسطى فإنها خربت عن آخرها ولم يبق بها إلاّ الجدر، ونقلوا أصحاب الأملاك سقوف البيوت والأبواب والطيقان ولم يبقوا بها غير الحيطان. وأما بركة الأزبكية فإن التركمان نصبوا وطاقهم بها، ومنعوا الماء من الدخول إليها، وأخربوا غالب بيوتها، وأخذوا ما فيها من الأبواب والطيقان وغير ذلك من الأخشاب، وكذلك بيوت بولاق.

وفى يوم الثلاثاء سلخ شهر رجب أشيع أن حسن بن مرعى شيخ عربان البحيرة قد حضر بالأمان، وكان قد بقى له إدلال على ابن عثمان من حين تحيّل على السلطان طومان باى وقبض عليه، فلما قابل ابن عثمان قبض عليه وسجنه بالبرج الذى بالقلعة،


(١) التى: الذى.
(٢) فأوقدوها: فأوقدوهم.
(٣) التى: الذى.
(٤) يهوشون: يهوشوا.