للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا المكان مع وجود كثرة رغبته فى إقامته بالمقياس، فلما سكن فى ذلك المكان طفشت عساكره فى بيوت الناس التى (١) حول الصليبة وأعمالها وطردوا أصحابها عنها وسكنوا بها، فحصل للناس الضرر الشامل بسبب ذلك. - وفى يوم الخميس ثالث عشرينه طلع ابن عثمان إلى القلعة ودخل إلى الحمّام الذى بها بالبحرة، ثم رجع إلى بيت الأشرف قايتباى، فقيل اصطفّت عساكره من الصليبة إلى باب السلسلة ما بين مشاة وركاب. - وفيه وردت الأخبار من البحيرة بأن حسن بن مرعى [كان] محاصرا مع الجولى، فأرسل لهما السلطان تجريدة إلى البحيرة، وعيّن بها ألف عثمانى من عسكره.

ومن الحوادث المهولة أن النيل المبارك توقّف ليالى الوفاء على أصبع واحد، وكان مضى من مسرى ثمانية عشر يوما، فاضطربت أحوال الديار المصرية بسبب ذلك، ثم أشيع أن النيل قد نقص أربعة أصابع، واستمرّ فى ذلك التوقّف ستة أيام وقد مضى من مسرى أحد وعشرين يوما، فاضطربت الأحوال بسبب ذلك، ولولا خافت السوقة من ابن عثمان لرفعوا الخبز من الأسواق وكادوا ينشئون (٢) غلوة عظيمة، وقد توقّف النيل فى هذه السنة مرتين، ستّة أيام فى أبيب، وستّة أيام فى مسرى، ولولا بعث الله تعالى بالزيادة بعد ذلك لأكلت الناس بعضها بعضا، وقد قال القائل فى المعنى:

لو نطق النيل قال قولا … يشفى به غاية الشفاء

قد كثر الجور فاعذرونى … لما توقّفت فى الوفاء

فلما كان يوم السبت سابع عشرين رجب، الموافق لثانى عشرين مسرى زايد الله فى النيل المبارك أصبعا واحدا من النقص الذى كان نقصه. - ثم فى يوم الأحد ثالث عشرين مسرى القبطى، الموافق لثامن عشرين رجب زاد النيل ما كان قد نقصه وأوفى (٣) ستة عشر ذراعا وأصبعا من سبعة عشر ذراعا، وكان النقص أربعة أصابع عن الوفاء فزاد النقص وأوفى (٣) وزاد أصبعا من السابع عشر ذراعا، وذلك من فضل الله


(١) التى: الذى.
(٢) ينشئون: ينشوا.
(٣) وأوفى: وأوفا.