ابن موسى، وألزمهم بالعود إلى البلاد ثانيا ليغلقوا ما كان بقى من الخراج فى البلاد، فإنهم كانوا قد أرسلوا خلفهم بالاستعجال بسبب التوجّه إلى إسطنبول. - ومن الحوادث [أن] الدفتردار أوقف أمر المناشير التى (١) بيدى أولاد الناس بسبب إقطاعاتهم ولم يمش (٢) غير الأوقاف والرزق التى (١) بالمكاتيب (٣) والمربّعات الجيشية فقط، فحصل لأولاد الناس غاية الضرر بسبب ذلك، ووضعوا المباشرون أيديهم على خراجهم، وراح عليهم الخراج فى هذه السنة بين الفلاحين وبين المباشرين. -[وفى أثناء هذه السنة توفى القاضى ناصر الدين محمد بن العمرى موقع الأمير يشبك الدوادار، وكان من المعمّرين فى الأرض](٤).
وفى يوم الأربعاء عاشر رجب حضر شيخ العرب أحمد بن بقر وقد أرسل إليه ابن عثمان أمانا بالإحضار، فحضر وقابل يونس باشاه وبقية الوزراء، وكان له مدّة وهو عاص (٥) فى وادى العباسة، ومعه جماعة من المماليك الجراكسة، وكان يحسن إليهم بالعليق وغير ذلك من القوت. - وفى يوم السبت ثالث عشر رجب، الموافق لثامن (٦) مسرى من الشهور القبطية، أظلم الجوّ ظلمة شديدة (٧)، وأمطرت السماء مطرا غزيرا حتى أوحلت منه الأرض والأسواق، وكانت الشمس فى برج الأسد، فتعجّب الناس من ذلك غاية العجب كون أن المطر جاء فى غير أوانه، وكان قد بقى عن معياد الوفاء أربعة وستون أصبعا والنيل فى قوة الزيادة، فخشت الناس على النيل من النقص، وأشيع كسوف الشمس فى ذلك اليوم.
وفى يوم الثلاثاء سادس عشره تحوّل السلطان سليم شاه من المقياس وأتى إلى بيت الأشرف قايتباى الذى خلف حمّام الفارقانى المطلّ على بركة الفيل فأقام به، فتعجّب الناس لذلك كيف ترك المقياس فى ليالى الوفاء وسكن فى هذا المكان الذى بين الدروب، فاختلفت الأقوال فى سبب ذلك، ولم يعلم ما سبب تحوّله من المقياس إلى
(١) التى: الذى. (٢) ولم يمش: ولم يمشى. (٣) بالمكاتيب: بالامكاتيب. (٤) وفى أثناء … فى الأرض: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش. (٥) عاص: عاصى. (٦) لثامن: لثمامن. (٧) شديدة: شيده.