للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنشأ له قصرا من خشب بالمقياس فوق القصر الذى أنشأه السلطان الغورى فوق بسطة المقياس، وصار يجلس به فى اليوم المحرّ، فأحضر جماعة من النّجارين والبنائين وشرع فى بنائه حتى فرغ فى أيسر مدّة، وقد قلت فى ذلك:

لو علم الغورىّ أن قصره … يسكن للمظفّر المؤيد

أضرم فيه النار من يومه … ولم يدع فى جدره جامد

وفى رجب كان مستهل الشهر يوم الاثنين. - ففى يوم الأربعاء ثالثه توفى القاضى رضى الدين الحلبى الموقّع، وكان شابا حسن الشكل والهيئة، وكان من أخصاء القاضى كاتب السر محمود بن أجا، وكان من أعيان الموقّعين، وكان من جملة أصحابنا رحمة الله عليه، وكان له مدّة وهو متوعّك فى جسده، وكان تعيّن إلى السفر إلى إسطنبول فمرض عقيب ذلك، فدخل أنكشارى من العثمانية فرآه مريضا، فقال له:

اخرج فى هذا اليوم وسافر. فقال له: لا أستطيع القيام. فحمله العثمانى بالنطع الذى تحته وأراد يخرج به من الباب، فتدخّلوا عليه ودفعوا له سبعة أشرفية حتى تركه ومضى، فمات تلك الليلة من الرجفة التى حصلت له.

وفى يوم الخميس رابعه خرج إلى السفر ابن السيّد الشريف بركات أمير مكّة، فتوجّه إلى وطاقه بالريدانية فكان له موكب حفل، وأحلع عليه فقطان تماسيح مذهبا، وقدّامه الرماة بالنفط، وخرج صحبته غالب الحجازيين الذين (١) كانوا بالقاهرة، وقد نادى لهم السلطان بأن الحجازيين الذين (٣) بالقاهرة تخرج صحبته. وأشيع أن السلطان سليم شاه كتب مراسيم للسيد الشريف بركات أمير مكة بأن يكون عوضا عن الباش الذى كان بها، وجعله هو المتصرف فى أمر مكة قاطبة، وأضاف له نظر الحسبة (٢) بمكة أيضا، وأنصفه غاية الإنصاف فتزايدت عظمة الشريف بركات إلى الغاية، وأكرم ولده غاية الإكرام.

وفيه ترافع جماعة من المباشرين فى بعضهم وانتدب إلى عمل حسابهم الزينى بركات


(١) الذين: الذى.
(٢) الحسبة: الحبسة.