وما بقى من موته شئ وقيل إنه كان سكرانا لا يعى، فكان فى أجله فسحة حتى عاش إلى اليوم. [وقد مدحه الناصرى محمد بن قانصوه من صادق بقوله.
أهلا وسهلا بمليك الورى … سليم شاه من مليك حليم
من نصر قال لمصر: أبشرى … لملككى جاء بقلب سليم] (١)
ومن الحوادث فى هذا الشهر أن الخليفة لما سافر إلى إسطنبول أخرجوا عنه نظر مشهد السيدة نفيسة ﵂، وكان ذلك بيدى الخلفاء من قديم الزمان، وكان من جملة تعاظمهم، وكان يحصل لهم من هذه الجهة غاية الخير من الشموع والزيت، وكان يحصل لهم فى كل شهر من الصندوق الذى تحت رأس السيّدة مبلغ له صورة من النذور التى (٢) كانت تدخل عليهم، فخرج ذلك كله عنه، وحصل للخليفة يعقوب والد المتوكل على الله غاية الضرر بسبب ذلك، وشقّ عليه ذلك ولم يفده شئ.
وفى أثناء الشهر خرج الشرفى يحيى بن البردينى الذى كان ولى قضاية القضاء فى دولة الأشرف طومان باى، فلما رأى الأحوال مضطربة وبعثوا أعيان الناس إلى إسطنبول، فسعى بمال له صورة حتى قرّر فى مشيخة الحرم الشريف النبوى كما كان شاهين الجمالى، فخرج فى هذا الشهر وسافر من البحر الملح وتوجّه إلى المدينة الشريفة من الينبع، وكان من قديم الزمان لا يلى مشيخة الحرم إلا الطواشيّة.
وفيه أشيع أن السلطان سليم شاه لما كان بالمقياس أحضر فى بعض الليالى خيال الظلّ، فلما جلس للفرجة قيل إن المخايل صنع صفة باب زويلة، وصفة السلطان طومان باى لما شنق عليه ولما انقطع به الحبل مرتين، فانشرح ابن عثمان لذلك وأنعم على المخايل فى تلك الليلة بمائتى (٣) دينار، وألبسه قفطان مخمل مذهبا، وقال له: إذا سافرنا إلى إسطنبول فامض معنا حتى يتفرّج ابنى على ذلك. [وقيل حضر بين يديه وهو بالمقياس الغراب](٤) الذى يقول: الله حق، الله ينصر السلطان. فأنعم على صاحبه بثلاثين دينارا وشكره على تعلّمه ذلك الغراب. - وفيه أشيع أن السلطان سليم شاه
(١) وقد مدحه … سليم: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش. (٢) التى: الذى. (٣) بمائتى: بمايتين. (٤) وقيل حضر … الغراب: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.