للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب أملاكهم، وندب الشرفى يونس نقيب الجيش إلى ضبط البيوت التى (١) فى القاهرة قاطبة، فصاروا الناس يعرضون عليه مكاتيبهم، فالذى يكون لأبناء الناس وغيرها من الأعيان فيفرج له عن بيته، ويخدم نقيب الجيش بشئ من الدراهم ويكتب على مكتوبه: عرض، والذى يكون جارى فى ملك المماليك الجراكسة ولم يظهر له أصحاب يصير ملكا للسلطان ويدخل إلى الذخيرة. ويقرب من هذه الواقعة أن الدفتردار رسم لقاضى القضاة المنفصل علاى الدين بن النقيب بأن يتحدّث على أوقاف الحرمين الشريفين قاطبة، ورفع يدى قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل عن التحدّث على أوقاف الحرمين، فكانت أصحاب الأوقاف يعرضون (٢) مكاتيبهم على قاضى القضاة علاى الدين ويكتب عليهم: عرض، ثم يمضون بها (٣) إلى الدفتردار فيخرج مراسيمه بالإفراج عن ذلك، فيقع لهم كلفة للقاضى علاى الدين، وكلفة لمراسيم الدفتردار، وإن لم يفعلوا أصحاب الأوقاف ذلك ويخرجوا مراسيم الدفتردار بالإفراج عن جهات الأوقاف، وإلاّ تضع المباشرون (٤) والظلمة أيديهم على بلاد الأوقاف ويستخرجون منها (٥) الخراج ويروح ذلك على النظّار. وهذا من جملة مساوئ ابن عثمان فيما فعله بأهل مصر من الأنكاد والضرر الشامل لهم.

وفى يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة حضر الشرفى يونس النابلسى الأستادار، وكان قد توجّه إلى جهات بلاد الشرقية بسبب جمع الخراج من بلاد المقطعين والأتراك والأمراء الذين (٦) قتلوا فى المعركة، فمسح بلاد الشرقية قاطبة وحصل منه غاية الضرر، وضيّق على الناس فى أرزاقها من نساء ورجال ووضع يده على خراجهم بغير حق، وما حصل لأحد منه خير، فكان كما يقال فى المعنى:

مباشر فى الورى لم تخف سيرته … بين الأنام وما فيها من الريب

تنجو به رجله مما جنت يده … كأنه القطّ فى خطف وفى هرب


(١) التى: الذى.
(٢) يعرضون: يعرضوا.
(٣) يمضون بها: يمضوا بهم.
(٤) المباشرون: المباشرين.
(٥) ويستخرجون منها: ويستخرجوا منهم.
(٦) الذين: الذى.